تقوم الملحقيات الثقافية السعودية المنبثقة عن وزارة التعليم العالي بدور مشكور في رعاية الدارسين السعوديين في الخارج والإشراف على سير دراستهم وهو عمل ضخم يشبه إلى حد كبير عمل عمادات القبول والتسجيل في الجامعات، لكن التنمية الثقافية لا يقتصر دورها وفعلها داخل الوطن وإذا ظننا ذلك فستكون نظرتنا إلى الواقع قاصرة ومحدودة، ومن هنا فإن صورة الوطن والمواطن تحتاج تصحيحا في أذهان معظم شعوب العالم خصوصا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وبناء على ذلك فإن إلحاق الملحقيات الثقافية السعودية الموجودة في السفارات السعودية المنتشرة في عواصم دول العالم بوزارة الثقافة والإعلام بدلا من وزارة التعليم العالي خطوة ذات مردود إيجابي على الثقافة والوطن حتى تستطيع تلك الملحقيات القيام بدورها الثقافي الذي يعكس الوجه الإيجابي للسعودية ثقافيا وفنيا وفلكلوريا وأدبياً واجتماعياً في المناسبات العامة مثل الأعياد والأيام الوطنية وغيرها في البلد المضيف وتسهم في الوقت نفسه في تحسين وتصحيح صورة الثقافة والوطن والمواطن. يقول معالي الدكتور غازي القصيبي في الصفحة الحادية عشرة من الجزء الثاني من سيرته الشعرية واصفا يوم عمل في أثناء سفارته في مملكة البحرين ما نصه : كنت أبدأ يومي العملي في التاسعة صباحا وأنهيه في الثانية بعد الظهر مع استثناءات لا تكاد تذكر عندما تكون هناك ارتباطات في المساء أو عند انعقاد مؤتمر هام، أتاح لي هذا البرنامج فرصة للقراءة لم تتح لي قبل إقامتي في البحرين ولم تتح لي بعدها، بنيت في المنزل مكتبة كبيرة وكنت أقضي بين رفوفها قرابة خمس ساعات يوميا بالإضافة إلى القراءة، سمح لي برنامج العمل بممارسة هوايتي المفضلة، صيد السمك، اقتنيت قاربا صغيرا كنت أقضي فيه ما يكاد يعادل الوقت الذي كنت أقضيه في المكتبة بين صيد الخواطر وصيد السمك كانت الأيام تعبر بي مشبعة بالطمأنينة والسكينة.. انتهى كلام معالي الدكتور غازي القصيبي.. فإذا كان السفير يقضي خمس ساعات يوميا في القراءة ومثلها يوميا في صيد السمك فما هو نصيب الملحق الثقافي؟! إن الدور الذي تضطلع به ملحقياتنا الثقافية متمثلا في متابعة الدارسين دور ضخم يتطلب وجود جهاز كامل متفرغ للقيام بهذه المهمة النبيلة والشاقة في آن واحد لكن الدور الثقافي المتمثل في تقديم الوطن بصورة مشرقة في البلد المضيف دور لا يقل في ضخامته ونبله وشرف أهدافه عن دور متابعة الدارسين لذلك كان لابد من إيجاد جهاز متكامل للقيام بشرف خدمة الوطن في هذا السياق ولا أظن وزارة قادرة على القيام بشرف هذه المهمة أفضل من وزارة الثقافة والإعلام، وفي الوقت نفسه لابد من مضاعفة دور وزارة التعليم العالي في خدمة الدارسين في الخارج من خلال إيجاد جهاز متكامل منبثق عنها يضطلع بهذه المهمة وحدها بغير شريك لها ويكون تحت مسمى الملحق التعليمي إذا كانت التقاليد الدبلوماسية والنظم تسمح بإيجاد ملحق تعليمي مستقل. [email protected] جامعة طيبة