يخطئ أي نصراوي إن ظنَّ أن عودة النصر الحقيقية للبطولات ستكون برحيل رئيس وقدوم آخر، ومن يعتقد ذلك -ففي ظني- أنه واهم، لأن أزمة هذا النادي ليست أزمة رئيس بل أزمة رئاسة. ما أعنيه بشكل واضح هو أن الكيانات الحقيقية بكافة أنواعها رياضية أو غير رياضية، لا تدار اليوم على يد فرد، بل وفق عمل مؤسساتي منظم، وهو ما يفتقده الكيان النصراوي، الذي ظل ولسنوات طويلة يدار بآلية فردية وفكر آحادي حتى وهو يركب سفينة الاحتراف. ومن يتابع الساحة الرياضية، لا أقول الدولية وإنما المحلية يدرك ما أعنيه، فالهلال والشباب والأهلي وكذلك الاتحاد، وهي الأندية التي تتصدر الواجهة الرياضية السعودية لا على مستوى كرة القدم وحسب بل في معظم الألعاب والنشاطات لا تدار اليوم بطريقة فردية عشوائية بل وفق عمل مهيكل وهو ما يفتقده النصر تماما. لذلك فإن الرئيس النصراوي الذي سيخلف الأمير فيصل بن عبدالرحمن في منصبه أيا يكن اسمه ومهما تكن قدراته، لن يكون بمقدوره تغيير واقع النصر، ما لم يغير واقع الفكر الرئاسي الذي ظل يدار به، والذي أنتج العديد من الخيبات، وتسبب في الكثير من الأزمات، وهي التي خلفته اليوم لا يكاد يخرج من مطب حتى يقع في آخر. ثمة من يحاول أن يحجم مشاكل النصر في نوعية اللاعبين الذي يمثلون الفريق، وآخر يعلق المشكلة على مشجب خلافات الشرفيين، وغيرهما يرى السبب في طريقة الأداء الإداري، وآخرون يسطحونها فيختزلونها في وجود هذا الرئيس أو ذاك، والحقيقة أن المشكلة تكمن في كل ذلك وأكثر، وهو ما يفضي بالنتيجة إلى أن الأزمة النصراوية هي أزمة رئاسة لا أزمة رئيس. والراصد للواقع النصراوي اليوم يجد أن قضية الرئيس النصراوي القادم عادت لتدور رحاها، ما بين من يرشح هذا، ومن يمني نفسه بذاك، وكأن من سيأتي لكرسي الرئاسة سيحمل معه عصا موسى، ناسين بل متناسين أن الأسماء المطروحة قد دخلت في مثل هذا الاختبار أو شبيه له فرسبت في مهمتها، ولا أعتقد أن ذاكرة النصراويين مخرومة إلى هذا الحد حتى ينسوا أحداثا لم يعلها الغبار بعد. أما نصيحتي للرئيس النصراوي القادم أيا يكن، فهي أن يبحث فقط في مكامن قوة الهلال، حتى يستطيع مجاراته بل والتفوق عليه، وهذا وحده سيكفيه مشقة التخطيط وعناء التدبير؛ لأن التفوق على الهلال لا يأتي بالتصريحات ولا البيانات، وإنما بالعمل الذي ينطلق من ثقافة إذابة "الأنا" في حوض المجموع، والتي تؤسس لكيان جامع مانع يسمو على المصالح الخاصة، ويتعالى على الأنانية والشخصانية، وهو ما كان ولا زال عليه البيت الأزرق. هذه الثقافة هي التي تجعل خمسة رؤساء وعشرات الشرفيين يتواجدون في تدريب اعتيادي للهلال لا في اجتماع شرفي، وهي التي سمحت بأن يكون الاختيار في مناصب النادي كبيرها وصغيرها تحت بند الأنسب لا الأقرب، وهي التي جلبت للنادي اللاعبين الأجانب والمحليين المنتجين وليس المستهلكين، وبعد ذلك فلا عجب في أن يقف الهلال على قمة الأندية السعودية. لذلك فيا أيها النصراويون إن أردتم الأفضل لناديكم ابحثوا إذن عن مكامن قوة الهلال وخذوا بأسباب تفوقه، عندها تستطيعون أن تصلوا له، بل وقد تتجاوزونه.