يبدو أنني لم أوفق كثيراً الأسبوع الماضي في طرح الرؤية فيما يخص الفروقات بين الصحافة الورقية والأخرى الاليكترونية في مجتمعاتنا الخليجية من منطلق الحضور والتأثير فهل كنت وحدي في ملاحظة ذلك الواقع أم أن العبارات لم تكن شاملة ؟ إن بعض تعليقات القراء في منتدى الرياض الاليكتروني ذات الطابع الشخصي والحديث عن الأمية لدى الكتاب لأنهم لا يتواصلون مع القراء اليكترونيا بدت غير مبررة حقيقة ولا تخدم نقاش مضمون الفكرة بموضوعية ونحن جميعاً نستخدم النت ونعترف بفعالية صحافتها الاليكترونية ولكننا أيضا نقرأ الورقية منها أيضاً حينما نستطيع أو نكون بالوطن ربما لأنه بمقدورنا عندها أن نتحرك معها في نفس الوقت ونتنقل من مكان لآخر ولا نقبع أمام شاشة الكمبيوتر بالساعات مرهقين من كثرة الجلوس في وضعية واحدة وربما لأننا اعتدنا إحساس الإمساك بالورق وملاحظة إخراج الصفحات وطباعة حروفها وحرية التنقل بينهما دون أن تبدو كلها نفس الشكل, وهذه بلغة العصر خياراتنا الذاتية غير أن قريبي المثقف يؤكد بأنها ميول مرحلية وأن تجربة البيئة والعصر سوف تحدد لاحقاً ما ستكون عليه الأفضلية فيما بعد وهو يستعين حالياً بقارئ اليكتروني " يخزن حوالي 200 كتاب بالألوان ومحدد الصفحات والعنوانين ويقول عنه منتج عصري مدهش و جميل لأنه يوفر عليه حمل كتب كثيرة لو شاء السفر كما انه سهل تجميع أنواع مختلفة من الكتب العلمية والأدبية وغيرها معا و أوافقه الرأي بمرونة القارئ الاليكتروني لأنك تستطيع القراءة في أي مكان في قطار أو طائرة أو حتى حديقة دون عبء حمل الكتب ولا تتسمر في نفس الوقت أمام جهاز اللابتوب أو غيره رغم أنني أشتاق تميز غلاف الكتاب وفرديته . أما على الصعيد الحياتي هل نجد الناس حالياً في المجتمع في حالة عزوف جماعي عن قراءة الجرائد الورقية لأن أغلبهم يفضل قراءة الصحف عبر الانترنت؟ صعب أن نقول ذلك بثقة وكي نكون منطقين سوف نقر بتعادل الطرفين في الوقت الحاضر مع تميز الصحافة الاليكترونية بسباق الأخبار والأحداث مما سيجعل الجرائد الورقية تعنى بصحافة الرأي والمواضيع الحيوية التي تهم المجتمع الذي تنتمي إليه , فرغم الاعتراف بالإحصائيات التي تؤكد أن 70% من تعداد السكان في المملكة هم من فئة الشباب فإن ذلك لا يعني بالضرورة بأنهم جميعاً من هواة قراءة الجرائد الاليكترونية فبحر المواقع والاهتمامات المتنوعة تغني كثيرين بالمتابعة والأخبار التي لم تعد حكراً علي موقع أو احد " هناك نشاط إعلامي من بعض المؤسسات في احتواء حقوق المواقع الإخبارية من استخدام الآخرين لها كما ذكرت التقارير " وأكثرها انتشاراً للأجيال أصبحت المواقع الاجتماعية والحوارات وهو احتياج عصري نفسي على ما يبدو وليس احتكاراً لمفهوم التواصل فقط . كما أن التصاق الشباب بصفة دائمة بالنت والبحث عن الأخبار والمعلومة وسهولة الحصول عليها سيجعل أذهانهم ممتلئة بالمعلومات لاشك وقد يبدون كمعاجم معرفية متحركة كما يقول قريبي ولكنه يسأل باهتمام هل ستجعلهم هذه المعرفة الغامرة بالضرورة مثقفين ؟ فالمعرفة هنا تأتي بمسميات التسلية والفضول والألعاب ونهم المعلومة حتى بشكلها العلمي ولكنها معلومة مستقبلة لا تعنى بمسائل التطبيق و تحليل مسائل الهم الاجتماعي والتربوي والاقتصاد مما جعل أفكاري تقفز في فزع وأنا أتساءل " ماذا عن أساليب التعليم إذن ؟ هل ستتغير بدورها لتلحق بركب مفاهيم المعرفة العصرية الطائرة ؟ فهذه الظواهر نسبية وما زلنا نتناول الفكرة بشكل عام مع ملاحظة بأن في مجتمعات الغرب المفتوح الذي لا يحتاج إلى وسائط تفاهم بين فئاته بدأت تجربة دمج الجرائد الكبرى معا وتخصصها في جوانب الاقتصاد للبقاء نعم ولكن أيضا لأن الأخبار بمفردها لم تعد ضالة القارئ الذي بإمكانه معرفتها من النت مباشرة وفي أي وقت فورا . هذه كانت بعض الأفكار التي تتناوب على شغل مساحة تأملي أحياناً اعترف أنها تحمل أسئلة كثيرة ولكن ليس لدي إجابات لها.