كان الشيخ محمد مهدي شمس الدين رئيس المجلس الشيعي الإسلامي في لبنان - رحمه الله - يتحسس خطراً، ويتألم حرقة وهو يستشرف أهداف، وغايات، واستراتيجيات حزب الله في أدلجة الإخوة الكرام من المذهب الشيعي، وأخذهم عنوة بعيداً عن الولاء والانتماء لأوطانهم، ومجتمعاتهم، وثقافتهم، وعروبتهم التي يفترض أن تكون المحرك الأساسي لطموحاتهم بوصفهم لبنة تحافظ على هويتهم العروبية، وثقافتهم الممتدة عبر مئات السنين. إلى الانعزال عن هذه القومية، وذاك الانتماء الجغرافي العربي، والانخراط في مشاريع الفرس، وإحياء القومية الفارسية تحت شعار الدين. ولهذا حذر الاخوة الأعزاء من أبناء المذهب الشيعي. ونادى في كتابه «الوصايا» بوجوب انتماء الإنسان الشيعي إلى وطنه، وقوميته. والدفاع عن مصالح الأمة، والوطن، والإنسان العربي والانخراط الكامل في الاحساس بأوجاعه، وهمومه، والتماهي مع طموحاته، وأفكاره، ونضالاته من أجل العروبة كوعي، وثقافة وتاريخ، وإرث حضاري. ولو بصورة خجولة حورب الشيخ الفاضل العروبي محمد مهدي شمس الدين - رحمه الله - وهمش، وعانى الاقصاء ولولا التفاف غير المؤدلجين من أبناء الطائفة الشيعية الكريمة حوله، وحول أفكاره، وايمانهم بصوابية أفكاره، وصدق، وعمق استشرافاته المستقبلية لكان وضعه سيئاً، واقصاؤه من الحياة الروحية، واشتغاله بالشأن العام في التنوير، والتصويب أمر واقع. لقد دأب الحزب الإلهي على تكريس الفرقة بين الإخوة الشيعة، وبين المذاهب الأخرى في المنظومة الإسلامية، وحفلت أدبياته بادخال الوهم في عقل الإخوة الأفاضل من أبناء الطائفة بأنهم في حالة استهداف دائم من خلال ممارسات التهميش، والاقصاء «الوهمية» وأن انبعاثهم، وصناعة تاريخهم الفئوي يأتي بانحيازهم إلى إيران، وأن مرجعيتهم الدينية هي في«قم» والسياسية في طهران، وعليهم أن يديروا ظهورهم إلى عروبتهم، ويدخلوا جماعات وأفراداً في خدمة توجهات، ومشاريع «ولاية الفقيه» وهذا ما يناضل في رفضه سماحة العلاّمة الشيخ محمد حسين فضل الله - الآن - وهو ما أثار العداء بينه وبين الحزب الإلهي، أو على الأقل «الجفوة». ولكي يصل حزب حسن نصر الله إلى تحقيق مشاريعه، وأفكار القيادة في إيران في الهيمنة على التاريخ، والجغرافيا، والإنسان، والفكر، وطمس العروبة كهوية، وثقافة، وتطلعات عمل على تكريس شعار«كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء» . إذن: لتكن أرض مصر العروبة، والتاريخ «كربلاء» اليوم، وغداً تكون كل الأرض العربية من الماء إلى الماء «كربلاء» حتى يخضع العرب للفرس وتحيا القومية الفارسية. هذا هو المشروع..!؟