المواقف تكشف المبادئ، ومشكلة بعض صحافتنا الإلكترونية أنها قامت على منافسة السبق الإخباري بقليل من الاعتبارات المهنية الهامة، ولا شيء يكشف هذا الخلل مثل الأخبار التي أطلقت مؤخراً عن بعض رموز المجتمع السعودي ومشاهيره، لا يهمنا أكانت الأخبار صحيحة أم لا، فالخبر وإن كان صحيحاً فهو تشهير وإن لم يكن كذلك فهو كذب وتزوير أيضاً.. وبالرغم من أن بعض صحفنا المقروءة تكتب عن بعض هذه الأخبار أحياناً أو تشترك في الإلماحة لها لكن المختلف أن صحفنا المقروءة على اختلاف توجهاتها لم تتجاوز يوماً عالم الحدث الذي تدينه وتكتب عنه ولم تشهر إلا فيما ندر من أخطاء حدثت، بخلاف بعض الصحف الإلكترونية الذي يبدو أنها تتوجه إلى عالم الصحافة الصفراء التي لا هم لها إلا ملاحقة عيوب الناس وزلاتها ووضع المكبر عليها. هذا التوجه الإعلامي الجديد في دور الصحفي بشكل عام ينبئ عن تحول قد يحدث في صميم ثقافة المجتمع السعودي المتلقي لهذا الناتج الصحفي، فهي تلقنه أخبار الفضائح وتفاصيلها وتخلق لديه فضولاً لمتابعة المزيد منها، "ومن تتبع عورات الناس تتبع الله عورته" وكم يبدو مزعجاً أن نفتح صفحة أحد هذه المواقع فتفاجئنا أخبار السرقات والجرائم والاختطاف والاغتصاب وكأن هذه هي أخبارنا الوحيدة التي تستحق المتابعة!. إذا كان دور الصحفي هو متابعة الأخطاء وكشفها فإن مسئوليته الأخلاقية لابد أن تكون مقدمة على أي اعتبارات أخرى.. لأنه يؤمن بخصوصية مجتمعه وثقافته التي تمنعه من ممارسة هذا السلوك الفضائحي والغير إنساني والذي لا يليق بمجتمع لديه ما يؤمن به.