نظرت إلي بعينين قريحتين وقلب كسير، متحسرة على وضعها المأساوي وحياتها المسودة وشبابها الذي ضاع وضيعه، (كائن بشري) عديم الإحساس، كانت روحها الذابلة هي من حكت وعزفت لي أساها وجراحاتها، ألف آه وتنهيدة حرى، زفرتها من حشاها، وهي تحكي لي مشوار الألم.. هي امرأة علقت بعد عامين ونصف من زواجها كانت ثمرة هذا الزواج طفلة بريئة، ذاقت هي وإياها أقسى أنواع الأسى والقهر، على يدي ظالم، لم تعرف الرحمة إلى قلبه طريقا في يوم من أيام حياته، مما اضطر تلك البائسة إلى طلب الطلاق للخلاص من سيمفونية العذاب، والويل، الذي طالما تذوقته صباح مسا، لكن ياللأسف رفض ذلك الوحش الكاسر طلاقها وأرسلها إلى بيت أهلها وأقسم أيماناً مغلظة أن يتركها معلقة إلى الأبد، ومرت سنوات طوال على تلك المسكينة وهي تترجاه وأهلها أن يطلقها ويفك قيدها، لكن لا حياة لمن تنادي؟! تقول تلك البائسة، ودموعها تهمي على خدها، ليته طلقني لكنت حملت جرحا واحدا، لكنه بتعليقه لي حملني جراحات لا تعد، جراح شبابي الذاهب، وحريتي المسلوبة وإنسانيتي، حتى أنني لا أستطيع الذهاب لأي دائرة حكومية، وغيرها، إلا بإثباتات، وموافقة الزوج، وكلها تحت يده، إلى غيرها من أمور حياتية أخرى.. انتهى كلام تلك المطلقة، عفوا المعلقة، أنهته غصات قلبها ودموعها المدرارة، وروحها المعلقة؟.. لقد ذهلت تماماً واعتصرني الألم لوضع هذه المرأة وغيرها من النساء، سواء أكن معلقات في بيوت أهاليهن أو حتى في بيوت أزواجهن؟ ألهذه الدرجة وصل الحال ببعض الأزواج إلى الانتقام والتلذذ بتعذيب زوجاتهن وسلبهن حرياتهن؟ بل وصل الأمر ببعضهم إلى مساومة الزوجات بالأبناء فإما أن تبقى معلقة وتتحمل مسؤوليتهم والصرف عليهم أو أن تختار طلاقها، وتحرم من رؤية فلذات أكبادها فتضطر الرضوخ للمساومة وتختار البقاء مع أبنائها، وكأن أولئك الظلمة، لم يسمعوا قول رب العباد من فوق سبع سماوات، (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) وقوله تعالى (فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تتقوا وتصلحوا فإن الله كان غفورا رحيما). ما هذه القلوب المريضة التي زادها الله مرضا على مرضها؟ لماذا يسلب حق المرأة وحريتها حتى في طلاقها، والذي ما اختارته ولا ارتضته، إلا بعد أن تجرعت كؤوس العذاب والمر والهوان، في كنف زوج فظ غليظ القلب معقد؟! أين أصحاب العقول اللبيبة والضمائر الحية من هكذا أوضاع؟ أين الجهات المعنية لتقتص لأولئك النسوة ممن علقهن وسامهن الخسف والهوان؟ أسئلة حائرة متكررة مازالت تبحث عن إجابة وربما تظل أزمانا وأدهارا بلا إجابة؟! في زمن الفلسفة والتنظير والتطنيش، ويا قلب لا تحزن؟ آه يا زمن العجائب آه مازلت أسأل هل ترى حفروا القبور ليدفنوا الموتى أم الأحياء؟ آخر الجراح ما عادت الكلمات تجدي بارت الكلمات وانفض المزاد النار تأكلنا فهل تجدي حكايا الوهم والدنيا رماد؟ أأقول صبر؟ ليس في الدنيا بلاء غير صبر الأبرياء أأقول حزنا؟ ليس في الدنيا كحزن الأشقياء أأقول مهلا؟ ضاعت الأيام من يدنا هباء؟