خرج المنتخب السعودي من عنق الزجاجة الذي دخله بعد خسارته من كوريا الشمالية في الجولة الرابعة بعد فوزيه الكبيرين على منتخبي إيرانوالإمارات في الجولتين الخامسة والسادسة في تصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم 2010. وأسهم الفوزان اللذان رفعا رصيد المنتخب السعودي إلى 10 نقاط في إعادة قطار "الأخضر" إلى السكة الصحيحة المؤدية لمونديال جنوب أفريقيا إذ بات يحتل المركز الثالث في المجموعة الثانية متعادلا مع المنتخب الكوري الشمالي في الرصيد النقطي ومتخلفا عنه بفارق هدفين. وارتفع على إثر الفوزين منسوب التفاؤل لدى الشارع الرياضي السعودي الذي ظل محبطا منذ انطلاقة التصفيات، وزاد إحباطه بعد الخسارة التي مني بها منتخب بلاده من كوريا الشمالية صفر-1 في العاصمة بيونج يانج في ختام مباريات الدور الأول من تصفيات المجموعة الثانية، وهي الخسارة التي عصفت بالجهاز الفني الذي كان يقوده المدرب السعودي ناصر الجوهر حيث قدم استقالته ليلجأ الاتحاد السعودي للتعاقد مع المدرب البرتغالي جوزيه بيسيرو. وكان الشارع السعودي عاش أياماً صعبة وهو يترقب مواجهة المنتخب الإيراني في الجولة الخامسة من مشوار التأهل لمونديال جنوب أفريقيا، لاسيما وهو قد بات على يقين بأن الخسارة قد تعصف بطموحاته ليس عن المنافسة على بطاقتي التأهل بل حتى عن المنافسة على المركز الثالث وهي التي تسمح له بخوض الملحق لاسيما في ظل تكالب الظروف الفنية والمعنوية على المنتخب جراء الإيقافات والإصابات التي أفقدته أبرز عناصره الأساسية كياسر القحطاني ومالك معاذ وخالد عزيز وسعد الحارثي وماجد المرشدي وسعود كريري، فضلا عن تعاقده مع مدرب جديد، بيد أن الفوز المستحق في استاد "أزادي" كان بمثابة إنعاش لقلب "الأخضر" الذي كان بحاجة لفوز آخر ليخرج من العناية المركزة وهو ما حدث إذ جاء الفوز على المنتخب الإماراتي في استاد الملك فهد ليعالج كل أوجاع المنتخب الذي بات الآن في أفضل حالاته النفسية والمعنوية. ويعبر عن هذا الواقع الصعب نجم المنتخب في مباراتي إيرانوالإمارات وصاحب الهدفين الثمينين فيهما المهاجم نايف هزازي الذي أكد على أنه وزملاءه عاشوا وضعا نفسيا وفنيا صعبا طوال فترة المعسكر الذي سبق مواجهتي إيرانوالإمارات مشددا على انه لم يعش جوا مشحونا كهذا منذ أن أطل برأسه على عالم الكرة. ويضيف: "صعوبة مواجهة المنتخبين الإيرانيوالإماراتي لم تكن خلال الدقائق التسعين التي قضيناها في استاد أزادي واستاد الملك فهد، بل عشنا أياما صعبة للغاية منذ أن بدأت رحلة التحضير، فالاستنفار داخل المعسكر كان في أعلي درجاته سواء على الصعيد الفني أو الإداري، والجميل في الأمر أن اللاعبين كانوا على قدر المسؤولية". وتابع هزازي الذي بات يعيش أحلى أيامه الكروية: "لا أخفي حقيقة أن القلق كان يسيطر علينا خصوصا وأننا بتنا في خانة "نكون أو لا نكون"، وزاد على ذلك فقداننا لعناصر أساسية، لكن اللاعبين كانوا يشتعلون حماسا بغية إثبات أن "الأخضر" أقوى من أي ظروف، وهذا ما ترجمناه عمليا في طهران وأكدناه في الرياض، إذ قدمنا مستويات رائعة". وتابع: "شخصيا اعتبر نفسي لعبت مباراتي العمر، وأتمنى أن أواصل عطائي واهدافي ليتحقق حلمي في اللعب في كأس العالم". وظن كثيرون من أنصار المنتخب السعودي أن المنتخب الإماراتي سيكون صيدا سهلا لاسيما وأنهم يواجهون منتخبا يتذيل المجموعة الثانية بنقطة يتيمة، فضلا عن أن الحالة المعنوية والفنية للمنتخب السعودي في أفضل حالاتها بعد الفوز على إيران، يضاف إلى ذلك الضغوط النفسية التي تنتظر الاماراتيين لاسيما وهم سيلعبون أمام أكثر من 70 ألف مشجع في "استاد الدرة"، لكن ما حدث كان العكس إذ كاد لاعبو الإمارات أن يقلبوا الطاولة في وجه مضيفهم حينما تقدموا بالنتيجة 2-1 قبل أن يحول السعوديون الخسارة لفوز بنتيجة 3-2، وهو ما جعل الاتهامات تطال اللاعبين السعوديين بالتهاون، وهو ما يرفض صانع الألعاب عبده عطيف الذي أوضح بأن تخلف المنتخب بالنتيجة يعود للضغوط النفسية التي كانوا يعيشونها بغية إحراز الفوز في وقت كانوا يواجهون خصما ليس لديه ما يخسره. وأضاف: "ليس صحيحا أننا تهاونا أو لم نكن على قدر المسؤولية، بل على العكس نحن كنا نتوقع أن نعيش أحداثا مشابهة، لإداركنا بأن المنتخب الاماراتي سيكون ندا عنيدا لرغبته في مصالحة جماهيره ولكونه لا يعيش أية ضغوط، لكن ما أن شعرنا بحجم الخطورة حتى ظهرنا بالوجه الحقيقي لنا في الوقت المناسب". ويوافق المدافع أسامة هوساوي زميله عطيف حيث يقول: "ليس سهلا أن تلعب أمام هذا الحشد الجماهيري الذي عايشناه في مباراتي ايران وكذلك في مباراة الامارات، فلك ان تتخيل أن تلعب أمام 120 ألف مشجع يهتفون ضدك كما حدث في "أزادي"، وأن تقف في قبالة أكثر من 70 ألف متفرج كلهم جاءوا من أجل أن تهديهم الفوز ولا شيء غيره، حتما الأمر صعب جدا، لكننا كنا على قدر المسؤولية". وبات المنتخب السعودي يحتاج إلى مواصلة انطلاقته إذ لم يتبق له سوى خطوتين للوصول لجنوب أفريقيا، لكنهما خطوتان ثقيلتان حيث سيواجه المنتخب الكوري الجنوبي متصدر المجموعة، وكذلك المنتخب الكوري الشمالي صاحب المركز الثاني، وهما مباراتان ينظر لهما "الأخضر" بحسابات كثيرة، ففضلا عن كونهما قنطرتا عبور له للمونديال، فهما أيضا بمثابة موقعتين لرد الاعتبار بعد أن خسر منهما في الدور الاول. ويؤكد ذلك لاعب الوسط صاحب العبد الله الذي شدد على أن الفوزين المهمين على إيران لن يشغلهما عن مواجهة كوريا الجنوبية"بل سيزيد من رغبتنا في إحراز فوز جديد حتى وإن كان اللقاء في العاصمة سيؤول" ويضيف :"اعتقد أننا على قدر من الخبرة، بحيث نستطيع أن ننهي أفراحنا بمجرد الدخول في التحضيرات للمواجهتين المقبلتين اللتين ستكونان أصعب من سابقتيهما، خصوصا وأننا سنواجه المتصدر ووصيفه في المجموعة".