تنشر صحيفة الأوبزرفر البريطانية تقريراً لمراسلها بيتر بومونت عن الكثير من الاتهامات الموجهة إلى إسرائيل، التي تدور حول ارتكابها جرائم حرب في أثناء حربها الأخيرة على قطاع غزة قبل أكثر من ثلاثة شهور، والتي عرفت باسم عملية الرصاص المصبوب، وزاد من قوة هذا التقرير تزايد عدد الجنود الإسرائيليين الذين أدلوا بشهاداتهم عما حدث من موبقات جرائم الحرب. تقول صحيفة الأوبزرفر ان هناك مواقفا مقلقة تدور حول ثقافة الجيش الإسرائيلي التي تؤكد عن انتزاع الرحمة والشفقة وكل الأحاسيس الإنسانية تجاه الفلسطينيين إلى الدرجة التي وصلت إلى عدم المبالاة بهم من قبل قادة الجيش أو القيادات السياسية التي ترسم للمعارك أو حتى الحاخامات في الجيش الإسرائيلي الذين يطالبون بإبادة الشعب الفلسطيني بالكامل في داخل قطاع غزة ويدعون أن ذلك تؤيده أحكام الدين اليهودي، وهو قول باطل لأن احدى الوصايا العشر التي جاء بها موسى عليه السلام تقول صراحة «لا تقتل». حجم انعدام الحس الإنساني عند الجنود اليهود الإسرائيليين لما حدث من عدوان وإرهاب وجرائم حرب في قطاع غزة، تشير إليه بوضوح صحيفة هآرتس الإسرائيلية التي تروي في تحقيق لها كيف أن جنوداً إسرائيليين يحتفلون بانتهاء تلك الحرب عن طريق شراء قمصان ويقومون بالطباعة عليها صوراً بشعة منها صور أطفال ميتين، وأمهات يبكين على قبور ابنائهن، ومدفع موجه إلى طفل وكل ملامح الرعب والخوف تظهر على وجهه وصورة مسجد مهدم بعد أن دمرته التفجيرات وتواصل صحيفة هآرتس القول بأن هناك قمصان أخرى طلبها القناصة في سلاح المشاة مطبوعا عليها عبارة «من الأفضل استخدام حبوب ديوريكس» وهي دعوة إلى منع الحمل ويظهر على القميص بجانب هذه العبارة صورة طفل فلسطيني ميت، وبالقرب منه تجلس أمه باكية وبجوارها دمية على شكل دب كان يلعب بها الطفل قبل قتله، كما ينقل تقرير صحيفة هآرتس أن هناك طلبات متزايدة لقمصان أخرى لأفراد فرقة جيفاني بكتيبة شاكين» مرسوم عليها أو مطبوع بها صورة امرأة فلسطينية حامل بهدف محدد على بطنها وكتب عليها باللغة الانجليزية «طلقة واحدة تؤدي إلى اثنين قتلة». لاشك أن هذا التصرف من قبل جند إسرائيل من مختلف قطاعات الجيش الإسرائيلي يقوم أساساً على مرض «السادزم» الذي يعني التمتع بإنزال الأذى والعذاب على الآخرين وهو ضرب من ضروب الجنون، وجرم يعاقب عليه أحكام القانون، ويصبح إرهاباً وجريمة حرب ضد الدولة التي تبارك وتؤيد ممارسته من قبل قطاعات مختلفة ومتعددة من جيشها ضد المدنيين العزل مما يستوجب بالضرورة تقديم قيادات هذه الدولة إلى المحكمة الجنائية وهو وضع قامت به إسرائيل فلابد أن تحاسب عليه أمام العدالة الدولية خصوصاً بعد أن شهد عليها شاهد من أهلها هي صحيفة هآرتس بجانب هذه الشهادة الإسرائيلية على جرائم الحرب التي قام بها قادة إسرائيل في حربهم ضد قطاع غزة يؤكد بيتر بومونت في تقرير بصحيفة الأوبزرفر أن مجموعة عسكرية تحمل اسم «كسر جدار الصمت» تتألف من جنود سابقين في الجيش الإسرائيلي قد كشفت عن أدلة جديدة عن السلوك الإسرائيلي خلال الحرب الأخيرة في قطاع غزة الذي يدلل بشكل قاطع عن ارتكاب إسرائيل وقادتها السياسيين بالتخطيط وقادتها العسكريين بالتنفيذ لجرائم الحرب التي يعاقب عليها أحكام القانون الدولي العام وتؤكد صحيفة الأوبزرفر أن هذا الاتهام لا يصدر بالاستنتاج وإنما يستند إلى العديد من الأدلة وأبرزها شهادة خمسة عشر جندياً تقدموا ليعبروا عن قلقهم عما جرى في عملية الرصاص المصبوب، وهذه الشهادة تعزز الاتهامات التي وجهتها مجموعة أخرى من الجنود في ندوة بإحدى الكليات العسكرية والتي تتهم أفرادا من الجيش الإسرائيلي القيام بممارسة القتل العشوائي للناس والتخريب المتعمد لكل الممتلكات اثناء الحرب على قطاع غزة، ولم يتم ذلك من مجريات القتال وإنما تم من خلال تخطيط وتنفيذ محكمين بدليل ما قاله مايكل مانيكين أحد أفراد المجموعة العسكرية التي شاركت في الحرب بقطاع غزة «نحن لا نتكلم عن كون بعض الوحدات أشد عدوانية من الأخرى، وإنما نتحدث عن السياسة التي وراءها وحكمت كل التحركات الإرهابية وجرائم الحرب التي ارتكبت في قطاع غزة، إلى الدرجة التي جعلت بعض الجنود شهدوا على أن بعض الضباط قد حذروا وحداتهم عن الحديث لما شاهدوه وفعلوه تنفيذاً للأوامر في قطاع غزة، وهذا التحذير يدلل على أن الجيش الإسرائيلي ارتكب جرائم حرب في قطاع غزة تنفيذاً للأوامر الصادرة له من القيادة السياسية، وبتنفيذ تحت اشراف القيادة العسكرية مما يستوجب تقديم القيادتين السياسية والعسكرية الإسرائيلية إلى المحاكمة أمام العدالة الدولية تحت مظلة أحكام القانون الدولي العام. يعزز هذا الطلب ما نقله بيتر بومونت عن صحيفة النيويورك تايمز التي نشرت مقابلة أجرتها مع جندي احتياطي في الجيش.. الإسرائيلي اسمه اميرمرمور الذي أكد بأنه صعق عندما اكتشف الطريقة التي تتم بها مناقشة موضوع الضحايا المدنيين اثناء التدريب وقبل دخول وحدة الدبابات التي خدم فيها إلى قطاع غزة فالأوامر كانت تقول اطلق الرصاص ولا تلق بالا للعواقب ودع الأخلاق جانباً، وبعد أن كشفت جرائم الحرب الإسرائيلي في قطاع غزة أخذت الصحافة الإسرائيلية تنشر مقابلات مع جند ينفون أي تورط في عمل خاطئ ومقالات تنتقد رئيس الاكاديمية العسكرية التي أعلنت شهادة الجنود ولكن ذلك لا يلغي تورط إسرائيل بارتكاب جرائم الحرب في قطاع غزة الذي يستوجب محاكمتها.