في الحب عادة ، وفي العلاقات الإنسانية لا نستطيع أن نكتب عنها , ونحن لا نزال في قمة عنفوانها .. وفي الحب أيضاً نظل نُكثر من طرح الأسئلة ، دون أن نتمكن من تمرير الأجوبة ، أو نتعجل في الحصول عليها . هي حيرة المحبين بكل ملامحها ، وأناشيد عشقها المخبأة ، هي رحلة الالتقاء مع تلك الوجوه النابضة ، والضاجة بالحياة . هي رحلة الحلم والشعور بالألفة النادرة التي وأن نفذت جمالياتها داخل أرواحنا ، إلا أنها ستظل تخط مجاريها أمامنا بتناغم جذاب ، ننتظر فيه اقتناص اللحظة لمصافحة الحلم ، وفتح أوراقه . منذ أكثر من أسبوعين تشرفت بدعوة كريمة من جامعة جازان لحضور حفل افتتاح فعاليات الموسم الثاني الثقافي للجامعة . ولأنني جازانية الهوى ، فقد اسعدتني الدعوة الكريمة وهبطت عليّ كالفرح عندما يهطل ويغمر الأمكنة من المسافة إلى المسافة . جازان مدينة الفل والكادي، والوجوه التي تحتضن البعيد والقريب قبل أن يقتربا منها . جازان الحاضنة للحب من امتداد البحر والسهل والجبل ، جازان الآسرة لكل من يأتي إليها . زمن طويل غبت فيه عن جازان ، وغبت فيه عن المتابعة عن قُرب لكل ما يجري فيها من فعاليات ، ونهضة فاعلة ، وتطوير سريع . في افتتاح الموسم الثقافي في قاعة جامعة جازان الفارهة والتي تتسع لما يزيد على ألف شخص حضرتُ فعاليات الافتتاح والتي كانت محاضرة لسمو الأميرة الدكتورة (الجوهرة بنت فهد آل سعود مديرة جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن للبنات) عن (دور التعليم العالي في دعم مشاركة المرأة في التنمية الشاملة) . تناولت فيها سموها قدرة المرأة في أن تصبح عنصراً مهماً وفاعلاً في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتجارية ، وكيف أن المرأة استفادت من فتح أبواب التعليم في الجامعات ومن جميع مناطق المملكة لتنطلق إلى آفاق جديدة تحقق تطلعاتها ، وانعكس ذلك في النسب المرتفعة من شهادات الدكتوراه والدرجات العليا والابتعاث الخارجي التي حصلت عليها المرأة ، كما أشارت إلى تصنيف المملكة وسط الدول المتقدمة في تقرير التنمية . كان الحضور كبيراً وفاعلاً ، ومستمعاً جيداً ، وكان مفاجئاً لجميع من حضر الفعاليات من خارج جازان من الأخوات الأكاديميات ، أو المدعوات ، أو الإعلاميات .. حضور يتجاوز الألف امرأة وهو عدد لا أتصور أن يأتي 10 % منه في مدينة من المدن الكبيرة لحضور محاضرة ، لكنهن نساء جازان المتعطشات للمعرفة ، والتواصل الثقافي والإنساني . بعد ذلك كان هناك عرض لفيلم مرئي باسم ( لنعش الحلم حقيقة ) فكرة وسيناريو إبراهيم بكري مدير تحرير صحيفة جامعة جازان ، ومدير صحيفة الجزيرة بجازان وفكرة الفيلم الذي كان بطولة مجموعة من الأطفال تتركز في ( ترسيخ أن جامعة جازان هي درة الجامعات السعودية كما أعلنها وزير التعليم العالي ، وأنه بسواعد الرجال والنساء معاً نحقق التميز وأن أطفال اليوم هم نصف المستقبل وغداً كل المستقبل والجامعة حلم جازان واليوم حقيقة تنبض بالحياة ) . فكرة الفيلم رائعة وثرية ، والأطفال معاً يقودون الحلم على الشاطئ الأزرق ومن ثم يتجهون معاً دون تمييز إلى الحلم لتحقيقه في تصوير رائع ، وتنفيذ أروع بملامح فتيان وفتيات صغار جازانية متمسكين بالحلم ، ومصرين على اقتناصه رغم الصعوبات . المفأجاة الأروع أنه بانتهاء الفيلم والتصفيق الرائع الذي حاز عليه وهو فكرة وإخراج جازاني محض دخل الأبطال الصغار البنات والأولاد معاً إلى داخل القاعة ، طفل لم يتجاوز العاشرة يرتدي رداء الطبيب وفتيات جميلات يحتضنهن الهوى والجمال الجازاني لتضج القاعة مرة أخرى بالتصفيق ، الفكرة الرائعة للفيلم والتي جسدها الشاب المتميز إبراهيم بكري بإمكانات بسيطة مادية ومعنوية عكس أن لدينا شبابا قادرين على ردم الفراغ ، وتجسيد الحلم في أجمل صورة متى ما أتيحت لهم الفرص والإمكانيات ومهما كانت محدوديتها ، وأن هذا الحلم وإن بدأت به الجامعة وأصبحت صرحاً عملاقاً منذ ما لا يزيد على أربع سنوات ، بلغ فيها عدد كلياتها سبع عشرة كلية وبعدد طلاب ( 33500) طالب لهذا العام وعدد ( 103 ) مبتعثين إلى خارج المملكة من طلاب وطالبات . إلا أنه كان حلماً مشروعاً ، ونبيلاً ، عملت عليه الكثير من الأيدي التي تعرف أن الطريق صعب لكن من الممكن تجاوزه وعلى رأسهم الدكتورر محمد بن علي آل هيازع مدير جامعة جازان والذي كان الثناء عليه متواصلاً من الوجوه الجازانية وكيف أنه استطاع أن يربط صورة الحلم بالواقع ، وأنا أستمع إلى ذلك شعرت أن جازان تتجه إلى الذهاب مع الحلم إلى البعيد دون أن تتوقف أمام سؤال ( هل هناك مسافة لشيء ) ؟؟؟؟ (يتبع بعد غد)