هذا المقال كان يفترض به أن يُكتب قبل ثلاث سنوات لكني آثرت تأجيله أملا في الوصول إلى المحصلة أو نتيجة عادلة منصفة إلا أن الوقت قد مضى عليه سدى. ليس من السهل على الإنسان أن يغض الطرف عن أي اعتداء يطاله خصوصا إذا كان ذلك الاعتداء على ماله. منذ ثلاث سنوات نفذت عمليات مشبوهة على بطاقة الفيزا التي تخص زوجي وفي مدينة من مدن المملكة غير تلك التي يقيم بها وتكررت خلال أربع وعشرين ساعة حتى تعدى المبلغ الخمسين ألف ريال وبعد مضي أكثر من ثلاثة أيام تفاجأ زوجي باتصال من البنك المصدر للبطاقة يستفسر منه عن هذه العمليات المشبوهة وعن مدى علمه بها ! ومن هنا بدأت الحكاية . وزوجي في نزاع مع البنك المسؤول حول مشروعية هذه العمليات وعن مدى مسؤولية البنك عنها . القصة بتفاصيلها المملة تحكي واقعا مفزعا عندما يكون موقف المواطن موقفا قزما أمام عملاق كبير مثل الكيانات البنكية التي تمتلك كوادر قانونية عالية ومتخصصة في النزاعات المالية. فبرأيكم لمن سترجح الكفة ومن سيكون الأقوى في إثبات عدم مسؤوليته ورفضه لتحمل هذه المبالغ المسروقة ؟ التي استمتع بها السارقون على حساب المواطن البسيط. هل هو المواطن بمعلوماته القانونية المحدودة أم البنك بكوادره ومحاميه؟ وعندما يحال الأمر للجان النزاعات القانونية المختصة أو لجان المنازعات المصرفية، ماذا عساه المواطن المغبون أن يفعل؟ هل يعين محاميا ليدافع عن حقه على حسابه الخاص ليدفع له ضعف الأموال المتنازع عليها كأجر فيخسر المزيد من المال ويربح البراءة من تهمة الكذب التي يصر البنك على إلصاقها به ليتنصل من مسؤوليته حول ضمان أمان البطاقات الائتمانية والحرص على حماية مستخدميها من الوقوع في فخ المحتالين سواء من خارج البنوك أو حتى من داخلها؟ أم أنه يتصدى بنفسه لحبال النزاعات البنكية الطويلة ويقضي وقته الثمين وعلى حساب عمله وعائلته ،في متابعة جلساتها المماطلة حتى ينتهي به الأمر للاشيء لمجرد أن البنك كان الأقوى قانونيا؟! اطلاعي على معاناة زوجي مع تداعيات العمليات التي حسبت على بطاقته الفيزا وهو طبيب وذو دخل مرتفع وقادر على تحمل خسارة مثل هذا المبلغ الذي ابتلي باحتسابه عليه يجعلني أتساءل وبقلق عن واقع المواطنين الآخرين من ذوي الدخل الضعيف أو المحدود أو حتى المتوسط عندما يقعون في نزاع مع أي جهة بنكية كانت تداعب أحلامهم بعروضها المتنوعة والمغرية وتستدرجهم للاقتراض أو استخدام بطاقاتها الائتمانية وتعميهم عن مخاطر هذه القروض بما تعرضه من مغريات وعند وقوع أي خلل أو استغلال أو سرقة تتنصل من مسؤوليتها وتنسحب. ترى من سيتصدى لهم ويدافع عن حقوقهم ؟ إني لأتساءل إن كانت لجنة المنازعات المصرفية قد انتبهت لهذا الفارق في القدرات بين المواطن كفرد والبنك ككيان مكون من عدة هيئات ولجان في القضايا التي تحال إليها وكم هي نسبة العدالة فيها، ناهيك عن عدد الحالات التي استطاع المواطن فيها أن يضمن حقه ويسترده! هذا السؤال يجب أن يعيه المواطن جيدا قبل أن يُستدرج ليقع ضحية لقضية خصمه فيها بنك.