أوقفت وكالات سفر وسياحة سعودية نشاطها، وسرحت موظفيها خلال الأسابيع الأخيرة متأثرة بالأزمة العالمية وتداعياتها على سوق السفر في المملكة. وبحسب الدكتور ناصر الطيار رئيس مجموعة الطيار للسفر والسياحة، فإن هشاشة البنية التحتية لوكالات سفر وسياحة في السوق المحلية، واعتمادها على شريحة معينة من المسافرين، إلى جانب فشلها في التسويق لمنتجاتها، تعد عوامل عجلت بنهاية هذه الوكالات، وسط تداعيات للأزمة العالمية على سوق السفر كان على رأسها انخفاض المبيعات نتيجة تقلص أعداد المسافرين محلياً ودولياً. ولم يحدد الطيار في حديث خص به "الرياض" عدد هذه الوكالات، مكتفياً بقوله:" ليس هناك إحصائية محددة لأعداد الوكالات التي أغلقت مكاتبها وأوقفت نشاطها، حتى الآن لم تتضح الصورة". ولفت إلى أن الأثر الأكبر من الأزمة العالمية على سوق السفر كان تقليص أعداد المسافرين بنسبة 35% عن المعتاد، الأمر الذي خفض من مبيعات وكالات السفر والسياحة وتسبب في تعثر أعمال بعضها. وقلل الطيار من تأثيرات قرار الوكالات التي أغلقت أبوابها بتسريح العمالة، وقال:" إذا نظرنا إلى عدد العمالة التي تعتمد عليها وكالات السفر نجد أنها بعدد أصابع اليد، الوكالات تعتمد على نسبة بسيطة من الموظفين أغلب الجهد فيها الكتروني وتكنولوجي، ولذا لن يكون قرار هذه المكاتب مؤثراً بشكل واضح". وفيما يتعلق بتأثيرات الأزمة المالية العالمية على أسعار تذاكر الطيران، أوضح الطيار أن الأزمة أجبرت شركات الطيران على تقديم تخفيضات كبيرة على قيمة التذاكر بمعدل يصل 45% في بعض خطوط سير الطيران. وانتقد رئيس مجموعة الطيار للسفر والسياحة، قرار شركات الطيران إلغاء العمولات التي تمنح للوكالات، مبيناً أن عدم وجود جهة اعتبارية تحمي مصالح وكالات السفر أدى إلى تفعيل مثل هذه القرارات. وأضاف:" إلغاء العمولات تسبب في تخفيض مبيعات وكالات السفر العاملة في المملكة وتقلص أرباحها بنسبة وصلت 15%، وسيجبر هذه الوكالات على استحصال قيمة هذه العمولات من المسافرين، وبخاصة أننا في المملكة لم نصل إلى مرحلة على النضج في سوق السفر". من جهته، أكد حمد الخلف مدير عام مجموعة الخلف للسفر والسياحة، إن إلغاء شركات الطيران مبدأ العمولات التي تمنح عادة لوكالات السفر، أضر بكثير من وكالات السفر وقلص من نشاطها ومبيعاتها. وأضاف في حديث ل"الرياض":" كثير من شركات السفر تعتمد في أرباحها وفوائدها على هذه العمولات، وإلغائها يؤدي إلى تعثر في مبيعات هذه الشركات، كما أنه يجعل من السوق مفتوحة بشكل غير صحي". وبين الخلف أن الأزمة المالية العالمية التي طالت اقتصادات كثير من الدول، ألقت بظلالها على سوق السفر والسياحة السعودي، متسببة في انخفاض مبيعات الوكالات تأثراً بركود الأسواق. وقال إن أسعار تذاكر الطيران انخفضت هي الأخرى غير أنه لم يحدد نسبة هذا الانخفاض، واصفاً معدله بالكبير في كثير من شركات الطيران ووجهات السفر. ونفى الخلف عن وكالات السفر والسياحة العاملة في السعودية، تهمة التهاون في تطبيق مفهوم السعودة، والتساهل في تحقيق النسبة المطلوبة، مشيراً إلى أن الوكالات تعاني من تسرب الموظفين السعوديين ونقص حماسهم ورغبتهم بالعمل في هذه الشركات. وزاد:" كثير من الشباب السعودي العامل في نشاط السفر والسياحة يبيت النية على أن عمله فيها يعد وظيفة مؤقتة في انتظار فرصة عمل أفضل، وعندما يجد الفرصة الأحسن تجده يذهب لها دون أي اعتبار لوكالة السفر، ما قد يعيق أعمال هذه الوكالة ويتسبب في تعثر أعمالها، إلى جانب أن الشاب لم يستفد من خبرة في هذه الوكالة ولم يكون علاقات يستفيد منها في حياته العامة". وفي أواخر شهر أكتوبر الماضي، قال مستثمرون في قطاع السفر والسياحة السعودي ل"الرياض"، إن بعض الانعكاسات الإيجابية لأزمة المال العالمية على المستهلكين في الدول الخليجية، تكشفت مبدئياً بعد أن بدأت أسعار تذاكر الطيران فعلياً بانخفاض تدريجي بلغ معدله 30% ومرشح للوصول إلى 100% عما كان عليه قبل نحو عام. يأتي ذلك بعد انخفاض في أسعار الوقود التي تلعب دوراً رئيسياً في تغيرات أجور النقل الجوي صعوداً وهبوطاً، بعد أن أقرت شركات الطيران في يونيو الماضي ضريبة وقود على تذاكر الطيران الدولية تصل إلى 60دولاراً على التذكرة الواحدة. وطالب هؤلاء المستثمرون، هيئات الطيران الحكومية بالتدخل العاجل لإجبار شركات الطيران على تخفيض أسعار التذاكر بنفس المعدل الذي زادته في يونيو الماضي تبعاً للارتفاع الكبير في أسعار النفط حينها. وقال مهيدب المهيدب رئيس لجنة وكلاء السفر والسياحة في غرفة الرياض حينها، إن شركات طيران دولية بدأت تخفيض أسعار تذاكر الطيران بنسبة تتراوح بين 10% و 30% على بعض وجهات السفر، ممثلاً على ذلك بانخفاض سعر تذكرة الطيران من الرياض إلى دمشق ذهاباً وإياباً لتبلغ نحو 1200ريال. وأوضح أن استمرار أسعار النفط في هبوطها بهذا الشكل ما يؤثر على أسعار الوقود التي تلعب دوراً كبيراً في تحديد أسعار التذاكر، سيجعل مواسم السفر المقبلة تشهد تغيراً جذرياً في أجور السفر وتكلفة السياحة الخارجية.