** هل صحيح..أن هناك من المدرسين..وربما الطلاب من يرفض الانضمام إلى طابور الصباح المدرسي.."وتحية العلم" حتى الآن؟! ** وإذا كان الأمر صحيحاً.. ** فكيف سنتعامل مع هذا المعلم وذلك الطالب؟! ** هل سيكون الحساب هذه المرة..بخصم بضعة أيام من مرتب هذا المعلم..وعدة درجات من علامات ذلك الطالب فقط؟! ** أم أن علينا أن "نفصلهما" من المدرسة إذا كان ذلك قد تم عن سبق إصرار..وتبعاً لقناعاتهما الخاصة والمرفوضة؟! ** إن هذه القضية الصغيرة الكبيرة لم تعد تقبل "المداورة"..واللف والدوران..وأسلوب "التمتمة".. و"الغمغمة"..ولي عنق الكلام وتفسير النوايا.. ** إن الأمر يتعلق بصورة واضحة ومباشرة..بولاء هذا المعلم وذلك الطالب للبلد.. ** ومن يرفض الوقوف أمام العلم.. ** ومن يعطي نفسه الحق لتفسير الأمور على هواه..ومخالفة الأنظمة والتعليمات..فإنه لا يمكن أن يؤتمن على تربية أجيال إن كان معلماً..أو الانتساب إلى هذا الجيل إذا كان طالباً..إذا لم يكن مدركاً أهمية ولاء الإنسان لوطنه..والتعبير عن ذلك الولاء بمثل هذه الوقفة التلقائية والوجدانية أيضاً.. ** إن علينا أن نكون واضحين وصريحين ومباشرين في التأكيد على أن الوطن قيمة..وأن الولاء له لا يجب الاختلاف عليه..أو تركه نهباً للاجتهادات..وأن مظاهر التعبير عن هذا الولاء لا يجب التهاون في أدائها..سواء كان ذلك بالوقوف أمام العلم..أو المشاركة في النشيد الوطني..أو في الوقوف لأداء القسم..أو بالعمل على ترسيخ قيمه..وتعليم الأجيال كل مظهر من مظاهر الاعتزاز به..والارتباط بترابه..والتضحية من أجله..والموت في سبيله. ** لأن من لا ولاء له لوطنه..فلا ولاء له لقيمه..وركائزه..وثوابته الأخرى.. ** إن علينا أن نعلم أجيالنا..أن "حب الوطن من الإيمان"..وأن الوطن مقدم على أشياء حياتية كثيرة..بما في ذلك روح الإنسان..وجسده..وماله..وأبناؤه..وأن الولاء للوطن..هو الذي يحرك في وجدان الإنسان إحساسه بالمسؤولية..وبالتضحية..وبالخوف على حاضره ومستقبله..وأن من لا ولاء لديه لوطنه..فلا ولاء له تجاه أسرته..ومجتمعه..وقيادته..ومستقبله. ** إن المواطن الذي لا تربطه بوطنه مشاعر حقيقية وقوية..ومتأصلة تجاه وطنه..لا يمكن أن يخلص لهذا الوطن..أو يدافع عنه..أو يحميه..أو أن يكون أميناً على مصالحه ومكتسباته..وبالتالي فإنه يشكل بذلك أرضاً هشة قابلة للاختراق..وإلحاق أشد الأضرار بهذا الوطن وبمن يعيشون فيه.. ** ولعل أبرز مظهر من مظاهر ضعف أو انعدام الولاء للوطن ..هو..انخراط المئات من الشباب في "شرك" التكفيريين..والانتحاريين..والإرهابيين الذين يمتهنون القتل..والتدمير..والإفساد في الأرض بكل أشكاله وألوانه..وهم الذين اعتبرهم أصحاب الفضيلة العلماء الأجلاء..بمثابة مفسدين في الأرض.. ** هذه الصورة المؤلمة للنفس..تؤكد أننا مجتمع التبس عليه الكثير من الأمور..بفعل "التحسس و"التردد" و"عدم الوضوح" في تحديد الموقف من مسألة "الولاء للوطن"..غير القابل للمراوحة.. أو التقصير.. ** إن التربية الوطنية التي نريدها..يجب أن تتجاوز مرحلة الشعارات..أو مجرد "تعليبها" في كتاب دراسي "أجوف"..لأن التربية الوطنية إحساس طاغٍ..وشعور عام قوي..وممارسة يومية أمينة..وإدراك شامل للمسؤولية..وإلا فإن المواطنة بدون كل هذا تظل ناقصة..وإن كانت الحقيقة تؤكد بأنها غائبة في الكثير من مظاهر حياتنا العامة مع كل أسف.. ** وعلينا أن نصدر تشريعاً يبدأ بتعريف وتحديد مفهوم المواطنة..وينتهي بواجبات ومسؤوليات المواطن تجاه الوطن..مروراً بما يتوجب علينا أن نفعله..لنصون وطننا من العبث..أو الامتهان..أو التحقير إلى الحد الذي نستكثر عليه الوقوف في طابور الصباح المدرسي..وترديد نشيده..واحترام علمه.. ضمير مستتر: ( الشعوب لا تختار أوطانها..ولكنها تصبح مسؤولة عنها..وحريصة على الانتماء إليها..أكثر من خوفها على أرواحها..ومكتسباتها المادية والأدبية ).