الشعار الذي حمله أسبوع المرور الخليجي (لا تتصل حتى تصل) يمثل قضية ملحة تتجه فيها أصابع الاتهام إلى الهاتف الجوال بوصفه أحد أهم أسباب الحوادث المرورية لأنه يشتت انتباه السائق أثناء القيادة ويشغله عن الانتباه لما هو حوله ، ولما يمر أمامه فتحصل المأساة. إن وجود الهاتف الجوال في حياتنا تعدى كونه شيئا من الكماليات ليصبح ضرورة ملحة وتسلية دائمة وفي جميع الأوقات بل إن هنالك من لا تحلو له المكالمة عبر الهاتف الجوال إلا عندما يكون في الطريق ويقود سيارته ! فكيف يمكن أن نحد من هذه العادة السيئة التي تتسبب بالحوادث المرورية وتعرض حياة الآخرين للخطر وربما تزهق أرواحهم؟ وإذا كان استخدام الهاتف الجوال أثناء القيادة يعد مخالفة مرورية فكيف يمكن أن نطبق هذا القانون ونفعّله ؟ وأيهما أجدر أن نبدأ به ؟ هل نوعّي الناس بمخاطر استخدام الهاتف الجوال أثناء القيادة ثم نعاقبهم على ذلك أم نفرض عليهم القانون ونلزمهم باحترامه بما ندعمه به من عقوبات؟ أذكر أنني كنت قد هاتفت امرأة بريطانية أثناء قيادتها للسيارة لأستفسر منها عن بعض المعلومات فطلبت مني أن أنتظر حتى تركن سيارتها على جانب الطريق وتحادثني فاعتذرت منها على سبيل المجاملة لأني كدت أن أعرضها لمخالفة مرورية فردت علي وبكل أدب بأنها قد أوقفت سيارتها حفاظا على سلامتها وخوفا على حياتها لا خوفا من شرطي المرور! وهنا بيت القصيد، في مدى وعي الناس بضرورة احترام القوانين وليس التحايل عليها. وعي المجتمع بمخاطر استخدام الجوال أثناء القيادة هو الذي يجب أن يحركهم لاحترام القوانين المتعلقة باستخدامه وليس الخوف من مخالفة القوانين. والمشكلة الحقيقية في مجتمعنا هي أنه لا يتعامل مع الهاتف الجوال على أنه وسيلة للتواصل وحسب، بل إن كثيرا من الناس من يتخذه وسيلة دائمة للتسلية ، فلا تفارق سماعته أذن صاحبها وهنالك من هو مدمن عليه ولو سكت عنه هاتفه الجوال لأي سبب أو أنه نسيه فإنه يضطرب ويشعر بالضياع حتى يعيده. من الضروري أن يعي القائمون على الحملة المرورية بشعارها المطالب بتأجيل الاتصال لحين الوصول حقيقة الواقع الذي يواجهونه ومدى تغلغل هذه العادة الخاطئة في المبالغة أو التساهل في استخدام الهاتف الجوال في المجتمع . فحملة أسبوع واحد لن تكفي لرفع الوعي تجاه هذه العادة الخاطئة أو تصحيحها بل إنها بحاجة لشلال توعية متنوع ومستمر يذكّر الناس بتداعيات ومخاطر استخدامه أثناء القيادة وذلك بوضع برنامج متكامل يدرس نسب استخدام الهاتف الجوال أثناء القيادة وأوقاتها ويقيّم مدى استجابتها وتجاوبها مع الحملات الإرشادية التي تنوه بمخاطرها وعلى ضوئها تحدد فعالية القوانين المتعلقة بها ومدى تأثيرها .