طالب تقرير حديث دول مجلس التعاون الخليجي بتقديم خطة تحفيز اقتصادي تهدف إلى مساعدة القطاع الخاص على مواجهة التحديات الراهنة في ظل الازمة المالية العالمية بحيث تركز هذه الخطة على توفير ضمانات جزئية للبنوك مقابل توفير التسيهلات للقطاع الخاص ، موضحا التقرير أن تداعيات وآثار الأزمة المالية العالمية وجدت طريقها للتأثير على دول مجلس التعاون الخليجي عبر خمس قنوات رئيسية تتمثل في أهمها انخفاض أسعار النفط الخام، وتقلص تدفق رؤوس الأموال الخارجية، وتراجع الطلب على مواد البناء والصناعة، وهو ما سيخلق تحديات حقيقية لدول المجلس خاصة فيما يخص تراجع معدل النمو عام 2009 م ، متوقعا أن تحقق البلدان المصدرة للنفط بما فيها الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي نموا بمعدل 3.6% في عام 2009 مقابل 5.6% حققتها في عام 2008 معتبرا ان مواصلة الإنفاق الاستثماري في هذه الدول تساهم في تخفيف حدة الأزمة المالية العالمية على المنطقة بأسرها. وقال تقرير اعدته الامانة العامة لاتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي بالتعاون مع عدد من المراكز الاقتصادية المتخصصة، ان هنالك العديد من التداعيات الناجمة عن الازمة المالية بدأت تظهر خلال الشهرين الماضيين ابرزها الانخفاضات الحادة في أسواق المال الخليجية وإعلان عدد من المؤسسات المالية الخليجية عن تكبد خسائر فادحة، وانخفاض أسعار الموجودات والعقارات، يتزامن معها التقلبات الحادة التي تشهدها أسواق المال والائتمان العالمية. وأكد التقرير أن دول مجلس التعاون في وضع اقتصادي ومالي جيدين يؤهلهما لمواصلة النمو والتطور الاقتصادي في الأجل المتوسط ولو بمعدلات اقل مما كان مقدرا في بداية العام. ويتوقع أن يعتدل النشاط الاقتصادي خلال العام القادم ويسجل نسبة نمو تقدر ب 3 - 4 %. كما من المتوقع أن تتحول الحسابات الجارية في البلدان المصدرة للنفط من فائض بلغ 400 مليار دولار تقريبا عام 2008 ، إلى عجز مقداره 30 مليار دولار في 2009 م ، ويمكن احتواء هذا التدهور ضمن حدود مريحة بالنظر إلى مخزون الاحتياطات الكبير الذي تمكنت هذه الاقتصادات من تكوينه. كما من المتوقع انخفاض إيرادات دول الخليج من صادرات النفط والغاز بنسبة 60 في المائة خلال عام 2009 لتصل 200 مليار دولار إذا سجل متوسط أسعار النفط العام الجاري مبلغ أربعين دولارا للبرميل. كما يتوقع أن تتراجع معدلات التضخم. وأوضح التقرير ان تداعيات الأزمة المالية والركود الاقتصادي العالميين انعكستا على الصناعات الخليجية وأدتا إلى إلغاء العديد من المشاريع الأساسية في صناعات البترول والغاز والبتروكيماويات والألمنيوم. كما بدأت آثارهما واضحة ومؤثرة على القطاع المصرفي الخليجي، الا أن الإجراءات التي اتخذتها المصارف المركزية الخليجية ردا على أزمة السيولة فعالة في المحافظة على استقرار نسب الفائدة قصيرة الأجل بين البنوك. إلا إن المواقف المتحفظة والحذرة التي تتبعها المصارف الخليجية وتراجع حجم السيولة إلى جانب ضعف التدفق في رؤوس الأموال الأجنبية وضعف تدابير الحوافز المالية هي عوائق تواجهها عمليات دفع نمو معدلات الائتمان في العام 2009م . وتحدث التقرير عن تأثير الازمة المالية على وضع العمالة الاجنبية في دول المجلس، والسياسات الاقتصادية والمالية وسعر صرف، الأسعار ومكافحة التضخم ووضع الاستثمارات الأجنبية والسياسات الهيكلية بشكل اكثر تفصيلا، حيث توقع التقرير ان تنخفض التدفقات الاستثمارية العالمية المصدرة من دول مجلس التعاون الخليجي بشكل حاد خلال عام 2009 وذلك نتيجة لانخفاض العوائد المالية لدول المجلس. وسينعكس هذا الانخفاض بصورة واضحة في تقلص الاستثمارات الخارجية للصناديق السيادية بسبب تحفظها للاستثمار في أسواق الدول الصناعية. في المقابل ستنخفض التدفقات الاستثمارية الواردة لهذه الدول وخاصة تلك القادمة من خلال النظام المصرفي. وأشار التقرير الى أن قطاع العقارات والبناء خلال العام الماضي 2008 كان العام الأصعب على سوق العقارات الخليجي متوقعا تراجع الطلب على العقارات في منطقة الخليج بأكثر من الثلث وحتى عام 2012. ويرى التقرير أن الإنفاق على البنية التحتية كتوسيع الإنفاق على الصحة وإنشاء المزيد من المدارس والطرق ومشاريع البنية الأساسية يمكن أن يكون محفزا جيدا للاقتصاد، حيث يؤدي هذا الإنفاق إلى رفع مستويات السيولة وزيادة مستويات الدخول ومن ثم رفع مستويات الطلب الكلي ومستويات التوظيف. كذلك على حكومات دول الخليج أن تقدم الدعم لمشاريع القطاع الخاص التي تعمل في القطاعات الحيوية في الاقتصاد، لتفادي حالات الإفلاس، كما يجب عليها ألا تهمل خطط مراقبة برامج الإنفاق لقطاع الأعمال الخاص إذا ما تعثرت تلك البرامج، فمن الممكن أن تقوم الحكومات بالتوقيع على عقود مشاركة للمشاريع الجوهرية التي ينفذها القطاع الخاص التي تعثرت نتيجة نقص رؤوس الأموال الخاصة بسبب الأزمة لتتحول تلك المشاريع من مشاريع خاصة إلى مشاريع مشتركة، وان تعطى الأولوية للمشاريع ذات الأهمية الاستراتيجية في القطاع غير النفطي، ذلك أن أساليب التعامل الحكومي مع الشركات الخاصة أثناء الأزمة يجب أن يختلف بعض الشيء، حيث ينبغي في هذه المرحلة التأكد من عدم قيام الشركات بخفض ميزانيات الاستثمار لديها بسبب نقص التمويل، وذلك من خلال إتاحة فرص التمويل بتكاليف منخفضة.