يواجه الأبوان الموريتانيان "محمد" و"حواء" السجن سبعة عشر عاما في إسبانيا، والسبب زواج ابنتهما البكر، أما زوجها رجل الأعمال "المختار السالم" فإنه يواجه السجن لمدة عشر سنوات، وغرامة مالية بعشرات آلاف الدولارات. هذه ملامح مأساة أسرة موريتانية بدأت محاكمتها في إسبانيا ويترقب أفرادها بتوجس موعد النطق بالحكم في الثلاثين من هذا الشهر. وتعود بداية القضية إلى أربع سنوات خلت وتحديدا في صيف 2005 حين عقد رجل الأعمال "المختار السالم" البالغ من العمر أربعين عاما، قرانه في ظروف عادية في موريتانيا على ابنة عمه "إسلمها" البالغة حينها من العمر أربعة عشر عاما، وهي فتاة موريتانية مولودة في إسبانيا لأبوين موريتانيين مهاجرين، إلا أن التطور الدراماتيكي للأحداث بدأ في يونيو عام 2007، عندما وصل الزوج "المختار السالم" إلى إسبانيا لزيارة أسرة عمه ولقاء زوجته بعد أشهر من الفراق، فوجد السجن في انتظاره، حيث اعتقل هو ووالدا زوجته، بناء على شكوى تقدمت بها هذه الأخيرة ضدهم، بعد أن أقنعتها بذلك أسرة إسبانية كانت لسنوات عديدة جارا للأسرة الموريتانية المهاجرة. ومنذ ذلك التاريخ يقبع الزوج "المختار السالم" في سجن بمدينة "قاديس" جنوبإسبانيا، بينما أفرج بكفالة مالية عن حماته "حواء" (والدة الفتاة) بعد أن مكثت في السجن أكثر من عام، أما الأب "محمد" فمنح الحرية المؤقتة بعد اسبوع على اعتقاله مع أمر قضائي بعدم اقتراب الاثنين مسافة أقل من 500 متر من ابنتهما "إسلمها" أو محاولة الاتصال بها، ووضعت الفتاة في كفالة العائلة الاسبانية التي حرضتها على الشكوى، وتمت مصادرة جوازات الأبوين وأجبرا على التوقيع أسبوعيا لدى مخفر الشرطة في المدينة إلى أن تبتب المحكمة في شأنهما. المحاكمة المثيرة للجدل والتي تحولت إلى جدل موريتاني إسباني، حول ضرورة احترام عادات الشعوب وخصوصياتهم، وشكلت مادة خصبة للصحافة الاسبانية والموريتانية، طالب في مستهلها الادعاء العام بالسجن 10 أعوام لزوج الفتاة "المختار السالم" بتهمة اغتصاب فتاة قاصر، و17 سنة و10 أشهر لوالدتها و15 سنة و10 أشهر للأب بتهم التواطؤ مع الجاني من خلال تهديد ابنتهما القاصر وضربها وممارسة العنف النفسي والجسدي ضدها وبيعها له، لأجل إرغامها على الدخول في علاقة جنسية مع زوجها، وفق عريضة الاتهام. وقد استجوبت المحكمة في البداية المتهمين الموريتانيين الثلاثة وهم والد الفتاة ووالدتها وزوجها، وعبر ردودهم على أسئلة القضاة قال الثلاثة إن الزواج تم وفقا للطريقة الإسلامية وعلى الأراضي الموريتانية وأن الفتاة كانت راضية وأقامت مع زوجها عدة أشهر في موريتانيا قبل أن تعود إلى إسبانيا. ونفى الزوج "المختار السالم" أن يكون اشترى الفتاة وإنما تزوجها على الطريقة الإسلامية، وقال إن ما دفعه من مال لأسرتها، كان مهرا يفرضه الإسلام كشرط من شروط الزواج ولم يكن ثمنا لها كما حاول الادعاء تصوير ذلك، وأكد أن الفتاة كانت راضية وسعيدة بالزواج وهي التي اختارته أصلا. أما الفتاة التي تحدثت إلى المحكمة عبر نظام الفيديو الداخلي المغلق بعد أن طلبت النيابة عدم إحضارها خوفا من تأثير والديها عليها، فقد بكت وهي تتحدث للقضاة قائلة إنها أجبرت على الزواج من شخص يكبرها بأزيد من عشرين سنة، وأن أبواها أجبراها على النوم معه وهدداها "بالرجم والقتل والحرق ..." في موريتانيا. وأنها اضطرت مكرهة مرة أخرى من قبل والديها، الى ربط علاقة حميمية أخرى مع المختار هذه المرة على الأراضي الاسبانية بعد قدوم زوجها.