في تقريره اليومي عن حركة المرور في مدينة الرياض عبر البرنامج الإذاعي (صباح الخير) أفاد الناطق الإعلامي في مركز الإدارة والتحكم بمرور الرياض أن 139 حادث مرور قد شهدتها مدينة الرياض بدأ من الساعة السادسة صباحاً حتى إعداد التقرير قبيل السابعة والنصف صباحاً (في يوم الثلاثاء 13/3/1430ه). وإنني أجزم أن عدداً آخر من الحوادث يضاف إلى هذا العدد لم يبلغ مرتكبوها إدارة المرور في تلك اللحظات إما لبساطة آثار الحوادث أو لسرعة التفاهم بين المتضررين منها وعدم رغبتهم في إشغال أنفسه في الإجراءات المترتبة على الحادث. وما من شك في أن ذلك مؤشر على أن حوادث المرور تتسبب يومياً في إتلاف الكثير من الممتلكات، وتزهق العديد من الأرواح، وتؤلم الكثير من المصابين وذويهم، وتفقد المجتمع أغلى ما يملك ممثلاً في فلذات الأكباد والأرواح والأموال. وإن أفادت التقارير والدراسات التي تناولت حوادث المرور أن 85% من أسبابها تعود إلى الإنسان، وأن بقية النسبة تتقاسمها الطريق والمركبة؛ فإنني أكاد أجزم أن «الإنسان» هو المسؤول الأول والأخير عن حوادث المرور انطلاقاً من مسؤوليته عن سلامة مركبته ومتابعة إصلاحها والتحقق من صلاحيتها قبل انطلاقها في الشارع وهي غير مؤهله فنياً للسير الآمن. وأما المسؤولية عن سلامة الطريق فهي أيضاً مسؤولية «الإنسان» ممثلاً في الجهات المختصة بإصلاح الطريق وتأهيلها من ناحية ومسؤولية إدارات المرور «بصفتها الإنسانية» التي ينبغي أن تعمل على تيسير سلوك المركبات والمشاة للطرق والحيلولة دون استمرار الزحام الذي يتسبب في اضطراب نفسيات السائقين ويكون سبباً في الحوادث المرورية سواء في أثناء الزحام أو بعد الخلاص من أعبائه وضغوطه النفسية على مستخدمي الطرق. ومن هنا فإنني أوكد أن كثرة حوادث المرور ستبقى وستستمر إلى أن يتحمل كل «إنسان» مسؤوليته كاملة سواء أكان سائقا أم ماراً أم مالكا للمركبة أم مسؤولاً عن سلامة الطرق أم مسؤولاً عن حركة المرور... وغيرها. وإن بإمكان مؤسسات المجتمع المدني أن تقوم بدور فاعل في الحد من حوادث المرور من خلال إستراتيجية مناسبة ترفع عدداً من الشعارات التي تخدم الأهداف الإستراتيجية مثل: - يوم بلا حوادث - أسبوع بلا حوادث - شهر بلا حوادث - صيف بلا حوادث وأن تتحمل كل جهة مسؤوليتها عن تحقيق هذه الشعارات بدأ من مسجد الحي والمدرسة، ومروراً بإدارات المرور ووسائل الإعلام وانتهاء بالمسؤولية الخاصة لكل واحد منا تجاه وطنه وسلامة نفسه وسلامة مواطنيه، وأن توضع لكل شعار خطة عملية لتطبيقه والاستفادة من تحقيقه على مستويات متفاوتة يحدد بعضها في حدود ضيقة (في حدود المؤسسة الواحدة، أو المدرسة الواحدة، أو الحي الواحد، أو المنطقة الواحدة...) ويمكن أن توسع آفاق بعضها لتشمل الوطن الواحد وبكل شرائحه ومستويات أبنائه، وأن يتم التفاهم حول تطبيق فعاليات كل شعار وتحقيق أهدافه بين جميع الجهات المسؤولة والجمهور المستهدف لتحقيق أهدافه التي تتمثل في الحد من حوادث المرور والحد من آِثارها المادية والاجتماعية والنفسية. والله من وراء القصد. ٭ رئيس قسم الدراسات والبحوث بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية