في حقبة الثمانينيات الهجرية من القرن الفائت برز العديد من الأسماء اللامعة في خط الظهر تحديداً.. ومنهم مدافع نجمة الرياض قبل دمجه مع الشباب عام 1388ه فهد بن محمد بن منيف الدوسري الشهير بلقب (سعده) كواحد من الأسماء التي تألقت بصورة أكثر فاعلية مع فريقيه النجمة والشباب.. مثل فريق النجمة أوائل الثمانينيات .. ثم الشباب أواخرها بعد الدمج الشهير.. واختير لتمثيل منتخب المنطقة الوسطى في دورة المصيف لمنتخب المناطق في النصف الثاني من تلك الحقبة.. وفي ضوء تألقه اللافت تلقى عرضاً مغرياً للانتقال لصفوف قلعة الكؤوس من باني الأمجاد الأهلاوية الأمير الراحل عبدالله الفيصل رحمه الله. غير أنه فضل البقاء في صفوف ناديه الذي برز معه وصنع نجوميته. فهد ابن منيف «68 عاماً» فتح قلبه لصفحة «نجوم الأمس» بعد هذه السنوات الطوال من الغيبة ليروي لنا جوانب من مراحل حياته الرياضية ومشواره مع الكرة بدايتي في البطحاء بداياتي الكروية كانت عام 1374ه مع فريق المدرسة الأهلية الابتدائية بالبطحاء ومقرها لازال قائماً اليوم شرقي مبنى البلدية وكان مديرها «الدغيري» ومدرس التربية الرياضية ومدرب كرة القدم والطائرة عبدالرحمن العليق مدير مركز الملك فهد الثقافي «حالياً» ثم انتقلنا للعب مع عدد من الزملاء مكملين لبعض وكان يلعب معنا في بعض الأحيان نجوم الهلال الكبار سلطان مناحي ومبارك عبدالكريم، وبعد التسجيل الرسمي للأندية عام 1380ه انقسمنا وتكون فريق نجمة الرياض بدعم من رائد الحركة التأسيسية للرياضة في الوسطى الشيخ عبدالرحمن بن سعيد «متعه الله بالصحة والعمر المديد».. واختار لنادينا أول رؤسائه (فهد بن حيزان) ودعمه في بداياته فكان فريق النجمة أشبه ما يكون بتوأم الهلال آنذاك وكنا نتمرن في المربع بالقرب من سوق السمك الحالي وبدأنا باللاعبين عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ وجلَّيل ودخيل الفرج وفهد الوعيل وعمر حامد (رحمه الله) فيما بعد والذي كان أبرز نجوم الفريق وفهد بن بريك ثعلب الهجوم وغيرهم كثير لا تحضرني أسماؤهم الآن. «سعدة» قاق .. قاق! ٭ من أطلق عليك لقب (سعده)؟ - الفنان العميد طارق عبدالحكيم هو من سماني (سعده) .. وقصتها أننا دائماً ما نطلب منه أغنية يرددها باستمرار لكثرة مواويلها ومطلعها يقول: (تخفي هوى سعده) وهي مقام حجازي وبرضه صوت أداه المطرب «محمد فارس» والفنان محمد علي سندي وكان طارق عبدالحكيم متيماً بهذه الأغنية.. وكان من مشجعي نادي الشباب وأحد أبنائه لعب في صفوف شيخ الأندية في تلك الحقبة قبل تحوله لتشجيع الهلال ودخوله مجلس إدارته عام 1384ه. وكلما قابلته يقول: أسعدتنا وحوَّلها إلى (سعده) وسمعها فيما بعد معلمنا عبدالرحمن العليق فأصبح يرددها: «سعدة قاق قاق» في طابور الصباح المدرسي!! ٭ وماذا يقصد ب«قاق .. قاق؟» - أنا أدري عن بن عليق!؟ المهم بعدها وضع الزملاء أغنية بأبيات ظريفة تتناسب مع اللقب الجديد (سعده) كانوا يرددونها باستمرار وتقول كلماتها: سعده يا جده وأمرسي لي مر يسه اما حصل لي مريسه قومي اعصدي لي عصيده والزملاء الذين أقصد عبدالله بن سالم وبن سريهيد وفهد بن بريك - عويَّد - يعزفها على عوده أما أنا فتجدني أعشق السامري - الدوسري - في الصف أمسك يا طبل .. يا طار وهذه الهواية الفنية الشعبية ماتزال تسري في دمي حتى اليوم.. نذهب للسامري دوماً ونطرب فيه. المدربون السودانيون طورونا ويتحدث (سعده) عن المدربين الذين أشرفوا على تدريبه في مشواره الرياضي فيقول: «أول مدرب دربنا في النجمة كان سودانياً يدعى «عبدالرحمن» عن طريق الحرس الوطني وأعقبه المدرب الراحل عبدالله الكنج الذي صقل مواهب العديد من زملائي اللاعبين وبالذات الحارس عبدالله بن سالم.. وبعد الكنج ودمج النجمة مع الشباب أشرف على تدريبنا المدرب السوداني القدير والمربي الفاضل بخيت ياسين «رحمه الله». وأتذكر أول ما تمت عملية الدمج طلب ياسين خوض ثلاث مباريات ودية مع فرق قوية للوقوف على قدرات اللاعبين القادمين من النجمة فلعبنا ضد الأهلي والاتحاد بجدة والوحدة في مكةالمكرمة. واختار بعض الزملاء من النجمة الاعتزال والبعض الآخر رسخ اقدامه في صفوف الشباب امثال عمر حامد - راشد الجمعان - فهد بن بريك وانا وعبدالله بن سالم وفهد بن عبيد (فهودي) وآخرين لا تحضرني اسماؤهم.. وفي ذلك العام 1389ه نجح الشباب في الوصول لنهائي كأس الملك لأول مرة في تاريخه وخسر بشرف (صفر - 1) أمام بطل الكؤوس الأهلي. بخيت ياسين شهم ونبيل لكن ادارة الشباب اخطأت وبالذات من جانب (محمد جمعة الحربي) حين استقدم المدرب المصري محمود ابورجيلة واقال المدرب القدير السوداني بخيت ياسين وكان هذا القرار خطأ فادحاً ذلك ان الفريق كان يسير بخطى ثابتة مع (ياسين) الذي اتجه لتدريب شعلة الخرج بعد الشباب واذكر ان «ابورجيله» زاره في ايامه الاخيرة بالمستشفى الوطني بعد حادثة الحريق الذي شب في مقر الشعلة ودفع ياسين حياته ثمنا لنخوته وشهامته في اقتحام النيران وانقاذ عدد من اللاعبين المحتجزين. ونصحه ياسين قائلا: اذا غيرت هذه المجموعة سيتدهور الشباب لكن ابورجيلة استعان بستة لاعبين فاهتزت النتائج حتى انه استعان بالحارس .. فلمبان واشركه بدلا من عبدالله بن سالم برغم ان الأخير يفوقه في المستوى بمراحل». إلى الأسوأ أفهم من كلامك ان ابورجيلة عندما استلم الشباب حاول تغيير جلد الفريق والمجموعة المنسجمة من ايام النجمة فهل غيرها للافضل ام للأسوأ؟ - «للأسوأ.. فقد كان الشباب في اوج مستواه الفني عام 1389ه عندما قاده بخيت ياسين رحمه الله للنهائي وقدم مباراة بطولية تاريخية برغم خسارته الكأس بشرف امام الاهلي لكن ابورجيلة قاد الفريق بعد ذلك للانحدار والتدهور ومن هزيمة الى هزيمة. بخيت ياسين مدرب يقرأ لاعبه جيداً وكان تعامله معنا راقياً الى اقصى درجة وكان له جانب تربوي وانساني نادر، كان يعطينا اجرة التاكسي في بعض الايام وحين يتسلم مرتبه يقول لنا: اللي عاوز فلوس عندي لا تطلبوا من الادارة انا اخوكم الأكبر «رحمه الله رحمة واسعة». (فلقة) الوعيل! وبالمناسبة اذكر موقفاً لا ينسى لهذا المدرب العظيم مع احد الزملاء.. فهد الوعيل الجناح وكان واقفا عند منصة ملعب الصايغ ينتظر وحول الكرة اليه بدلا من السعي لاستلامها.. فسكت «ياسين» الى أن جاء تمرين اليوم الثاني فقال له كرر الحركة التي قمت بها امس فطال النقاش بينهما واحتدم ليبادر المدرب (بفلق) راس الوعيل بالصافرة الحديدية فسال دمه ولما شاهد رأس الوعيل تنزف بكى المدرب بألم وندم قائلا: انا أسف.. انا مجتهد معك وحدث ما لم يكن في الحسبان وقبل (فهد) اعتذار المدرب وسامحه». أيادي ابن سعيد بيضاء يقال ان رائد رياضة الوسطى عبدالرحمن بن سعيد كان من اوائل الداعمين لمسيرة النجمة.. ماذا كان يعني لكم شيخ الرياضيين؟ - «ابومساعد اياديه البيضاء امتدت لكل اندية الوسطى ولاعبيها ومن يقصده من الرياضيين». ٭ أبناء حسن آل الشيخ شكلوا ابرز داعمين لفريق النجمة وتربطك بهم علاقة وطيدة.. بودنا ان تحدثنا عن اكبرهم عبدالرحمن بن حسن. - «عبدالرحمن من مؤسسي النادي وما قصر وتعب كثيرا من أجل النجمة فقد كان يحضر الكور والسكر والشاي وايامها كان يجيد الطبخ ويعد لنا كبسة رز بنكهة خاصة، ولا انسى انه الداعم لكثير من اللاعبين وبالذات عمر حامد (رحمه الله) وانا وبن سالم والجويعي ودخيل وسالم التمبكتي». رفضنا أهلي جدة استضافكم الأمير عبدالله الفيصل رائد الرياضة الاول (رحمه الله) في النصف الثاني من الثمانينات في قصره بجدة وقدم لكم الدعم المادي والمعنوي وشاركتم في لقاءات حبية هناك.. وطلب منك ومن عمر حامد رحمه الله وفهد بن بريك ترك النجمة والانتقال للاهلي لكنكم رفضتم العرض لماذا ؟». - «رفضنا لأن نادينا كان بحاجة ماسة لخدماتنا.. وبعدين لو ذهبنا للغربية ما راح نطول لاختلاف الجو ونمطية الحياة بمعنى دوسري بكرتونه تحطه في صفوف اهلي جدة.. اشوفها صعبة شوي». اضافة الى الحساسية السائدة انذاك بين لاعبي الوسطى والغربية واذكر في عام 1389ه انتقل النجم الكبير سعيد غراب لصفوف النصر واختير لتمثيل منتخب الوسطى وكان رئيس معسكر المنتخب آنذاك الأمير عبدالرحمن بن سعود «رحمه الله» وعندما تهيأنا لدخول الملعب واذا بنا نفاجأ انه يقول اعطوا شارة الكابتنية للاعب سعيد غراب سعياً وراء اذابة اي حساسية بين اللاعبين لكن قائد المنتخب انذاك سلطان بن مناحي اعترض على اختيار الغراب وقلنا: هذه المباراة خلها تمشي وكان مستوى ذلك المنتخب اكثر من رائع لما كان يضمه من نجوم كبار في صفوفه.. وقد تقابلنا قبل ذلك مع منتخب الغربية في المباراة النهائية لدوري المصيف وتعادلنا (1/1) وفزنا بالقرعة وبخدعة ماكرة لزميلنا نادر العيد وكررها نادر بعد ذلك في مباراة بين الشباب والنصر في تحديد بطل الوسطى».