أظهر بحث دكتوراه من إعداد بدرية بنت محمد العتيبي وأشراف الأستاذ الدكتور إبراهيم بن مبارك الجوير من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كلية العلوم الاجتماعية بالرياض، قسم علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية، بعنوان (التقبل الأسري للمرأة السعودية المحكوم عليها في المؤسسات الإصلاحية وعلاقته ببعض المتغيرات الرئيسة المرتبطة به، ) وهي دراسة تطبيقية على المحكوم عليهن في المؤسسات الإصلاحية للنساء ودور رعاية الفتيات في المجتمع السعودي. إن الانفتاح الثقافي والإعلامي وقدوم العمالة الأنثوية والحملات الإعلانية والإعلامية التي تستهدف المرأة السعودية أدت إلى ظهور سلوكيات جديدة مثل هروب بعض الفتيات السعوديات، وتعاطيهن المخدرات والخمور، ومن ثم ارتفاع معدل ارتكاب المرأة السعودية للجريمة، إضافة إلى تعقد المجتمع السعودي وزيادة عدد السكان وزيادة مستويات التحضر التي صاحبت عمليات التنمية بالمجتمع السعودي وخروج المرأة للتعليم والعمل، وتعرضها للضغوط النفسية والاجتماعية والاقتصادية. وحددت الباحثة مفهوم التقبل الأسري إجرائياً بأنه احتواء الأسرة للمرأة مرتكبة الجريمة والوقوف إلى جانبها ومساندتها ومعاملتها معاملة حسنة من يوم القبض عليها وحتى خروجها وبعده. وبينت النتائج أن الجرائم الرئيسية التي ارتكبتها عينة الدراسة والتي بلغت 153 من المحكوم عليهن بالترتيب (الجرائم الأخلاقية، العنف الأسري، المخدرات والمسكرات، القتل، الجرائم الاقتصادية) وكشفت الدراسة أن الجرائم ارتقت إلى مستوى الظاهرة المحتاجة للدراسة. وبررت الدراسة ارتفاع مؤشر الجريمة الأخلاقية في المجتمع السعودي إلى امتداد سلطة الضبط الاجتماعي الرسمية مقارنة بسلطات الضبط الاجتماعي غير الرسمية المتمثلة في القبيلة والعائلة خصوصاً في القرى وعمق البادية. واستنتجت الدراسة انتشار الجريمة بين الفئات الشابة، وهي نتيجة خطرة لأنها ترصد التوجهات الإيجابية للانخراط في الجريمة بين الفئات الشابة، ولو ربطت هذه الظاهرة بنمط الجريمة والتي أغلبها أخلاقية فإن الأمر سيبدو أشد خطورة. وعند ربط الدراسة بعلاقة نمط الجريمة بمتغير الحالة الاجتماعية توصلت إلى أن المطلقات والأرامل في المرتبة الأولى، وأغلبهن من الفئات الشابة، وهذا راجع إلى عدم الإحساس بالاستقرار الأسري. وعن علاقة نمط الجريمة النسوية بمتغير الحالة التعليمية توصلت الدراسة إلى أن الأمية تأتي في المقدمة مع مستوى التعليم الابتدائي، كما أن المرحلة الثانوية تشكل غالبية عظمى ضمن نزيلات دور الرعاية. وعن علاقة نمط الجريمة بمحل الإقامة أشارت نتائج الدراسة الإحصائية إلى وجود (35.9%) من العينة يعشن في أوضاع أسرية غير سوية،كما استنتجت الدراسة أن أكثر من نصف العينة يعملن ربات بيوت، والمرأة من هذه الفئة إذا تم طلاقها أو انفصالها عن زوجها، أو وفاته، فإنها تتحمل أعباء معيشية صعبة خاصة في ظل وجود أولاد، وهذا دافع قوي على ارتكاب الجريمة، وتوصلت الدراسة إلى أن نسبة النساء المرتكبات للجريمة لأول مرة تعتبر نسبة عالية، حيث وصلت إلى ما يقارب (64.4%) مقابل (36.6%) من العائدات للجريمة، وعلى الرغم من إيجابية النتيجة لصالح المرتكبات للجريمة لأول مرة إلا أن الجانب السلبي فيها هو تزايد نسبة المنحرفات لأول مرة، ولحاقهن بمجتمع الجريمة، ما يعني اتساع محيط دائرة الانحراف وهو أمر جدير بالدراسة. وعن طبيعة وأشكال التقبل الأسري للمرأة السعودية المحكوم عليها فقد استنتجت الدراسة ارتفاع درجة التقبل الأسري للمرأة قبل ارتكابها للجريمة، كما أن السجينة كانت على علاقة طيبة مع أمها أكثر من غيرها من أفراد الأسرة،إلا أن غالبية عينة الدراسة أمهاتهن لا يعرفن أسرارهن حتى يعارضن ما يفعلن. وأظهرت النتائج أيضاً أن عدم تقبل الأسرة للمرأة المرتكبة للجريمة، وتخليهم عنها يدفعها للاعتماد على نفسها في مواجهة مشكلتها، وتصير فريسة سهلة لمجتمع السجن، ما يمهد لعودها للجريمة إن استمر عدم تقبلها. وأظهرت نتائج التقبل قبيل الإفراج أن المحكوم عليها لا تعرف موقف الأهل تجاهها وظهور مشاعر القلق والحيرة التي تصل لليأس والإحباط، كما تشير نتائج قياس رأي المشرفات الاجتماعيات إلى أن المرأة السعودية التي حكم عليها اندفعت لهذا الجرم نتيجة ضغوط اقتصادية واجتماعية ونفسية معينة أو نتيجة جهل بالأنظمة في بعض الأحيان، ويشعرن بالأسف لعدم تقبل الأسرة للمفرج عنها، وتؤكد المشرفات الاجتماعيات على إحساس السجينة بالندم وعدم إقدامها على فعل ذلك مستقبلاً، وإن كان هذا الرأي يتناقض إلى حد كبير مع آراء عينة الدراسة من المحكوم عليهن في المحورين السابقين من إحساسهن باليأس بعد الإفراج لعدم وضوح آلية معينة للتعامل معهن سواء من جهة أسرهن، أو من جهة أجهزة الدولة المعينة، أو حتى من منظمات المجتمع المدني.