قبل أيام ودعت جماهير الكرة في الكويت لاعب السالمية خالد الجارالله في حفل اعتزال شارك فيه الاهلي المصري وبعد ايام أخرى ستودع نفس الجماهير لاعب فريق كاظمة الدولي عصام سكين في حفل سيشاركه فيه منتخب مصر الأول. هذه الموجة في الكويت من اقامة مهرجانات الاعتزال والتكريم ليست وليدة اليوم بل هي قديمة قدم الرياضة لديهم، فالكويتيون كانوا ولا زالوا من أروع الذين يحتفون بلاعبيهم سواء عندما يكونون ممتطين شرف تمثيل بلدهم أو حتى بعد ان يترجلوا ذلك الشرف متجاوزين حساسية الألوان وعصبية الأسماء. والمتابع القديم للكرة الكويتية يدرك تماماً ان المهتمين بالشأن الرياضي لديهم من مسؤولين وإعلاميين وجماهير قد يختلفون في ميولهم وتوجهاتهم وتشجيعهم لانديتهم لكنهم لا يختلفون على نجومهم فقد تجد عرباوياً يهيم بناديه ولكنه لا يختلف على جاسم يعقوب أو فيصل الدخيل أو حمد بوحمد مثلاً، وفي المقابل تجد قدساوياً متعصباً للأصفر لكنه ينحني اعجاباً لمحمد كرم وعبدالله البلوشي والحشاش، في الوقت الذي يتغنى العرباويون والقدساويون باسم العنبري وهو يرتدي قميص نادي الكويت. ووفق هذا المنظور تجد كل اطياف المجتمع الرياضي الكويتي تبادر لتكريم النجم لديهم، أي نجم لا لكونه عرباوياً ولا قدساوياً أو كظماوياً وانما لكونه كويتياً، في الوقت الذي نعاني نحن من حساسية مفرطة في تشجيعنا للاندية، فاهتمام الرياضي لدينا بالنجم ينحصر في دائرة المنتخب وما عدا ذلك لا يعنيه في شيء فان كان هلالياً فهو للهلاليين وان كان نصراوياً فهو للنصراويين وهكذا دواليك، هذا اذا لم ينقلب على نجمه بالأمس في المنتخب ما ان تطأ قدمه ارض ناديه ويرتدي شعاره. ووفق هذا المنظور الضيق تتقلص احتفاليتنا بالنجوم فنجد كثيرين يرون في إقامة مهرجان اعتزال لماجد عبدالله هو شأن نصراوي بحت، فيما يرى آخرون ان تكريم نجم كالثنيان لا يعنيهم في شيء بل يعني الهلاليين وحدهم، وهو أمر لا يختلف عن نظرة الاهلاويين لتكريم احمد جميل او الاتحاديين في توديع خالد مسعد ويمكن لنا ان نقيس ذلك على كل انديتنا. ومن هنا فإن ذاكرتنا تكاد لا تستحضر في السنوات الأخيرة إقامة مهرجانات اعتزال الا لعدد قليل قد لا يتجاوز اصابع اليد الواحدة فيما تستحضر العشرات من النجوم الذين فاتهم قطار التكريم، وحتى لا نبتعد كثيراً فأين نحن من تكريم «نجوم 94»، أولئك الذين قدموا أكبر انجاز للكرة السعودية وكانوا رواد الحضور السعودي في المونديال بما قدموه من ألق وإبهار للعالم، فباستثناء محمد عبدالجواد لم يكرم أي لاعب معتزل من اولئك الابطال بدءاً من ماجد عبدالله واحمد جميل ومروراً بعبدالله صالح وطلال الجبرين وسعيد العويران وخالد مسعد والهريفي وغيرهم. قبل سنوات التقيت مع الزميل مبارك الوقيان رئيس القسم الرياضي بصحيفة الطليعة الكويتية وسألني سؤالاً كان مباغتاً لي في تلك اللحظة حيث قال: من المسؤول في رياضتكم عن عملية اغتيال تكريم النجوم؟! واعترف الآن أنني لم اقدم له اجابة صادقة، بل أخذت استنكر السؤال بادعائي اننا رواد مهرجانات التكريم وصناع عملية الاحتفاء بالنجوم، فيما اكتفى هو بان قال لي: «منذ اللحظة سأعد لكم بينما عدوا انتم لنا!!»، ولعلي اعتقد الآن انه لم يبدأ العد بعد، بينما انا تحولت لأعد اصابع قدمي!! وبعد سنوات ها انا اعتذر اليوم لزميلي الكويتي الرائع واعترف له امام الملأ بما عجزت ان اعترف به بيني وبينه في ردهة ذلك الفندق القاهري لأقول: نعم.. يا مبارك كلنا مسؤولون ولا أستثني أحداً.. ولا أستثني أحداً!! [email protected]