يدين بيني راز المستوطن الغريب الأطوار الذي تحول من اليمين المتطرف إلى اليسار، الاستيطان في الضفة الغربية بكافة أشكاله ودولة (إسرائيل) "الدكتاتورية" ويدعو إلى استقلال فلسطين. وأدى به ذلك إلى فقدان عمله في إحدى المستوطنات وانفصال زوجته عنه بعد 29 سنة من الحياة الزوجية وبات أصدقاؤه يعتبرونه "خائنا" حتى إنه تلقى تهديداً بالموت. وأكد بيني راز "لا يمكنني أن أبقى في أرض ليست ملكي. لا بد ان نعيد للفلسطينيين أرضهم". وبذلك الموقف أصبح لديه اليوم "أصدقاء أكثر بين الفلسطينيين منه بين المستوطنين". لكن لم تكن الأمور دائما كذلك أمام الرجل الذي يتكلم العربية وهو ابن مهاجرين يهود وفدوا من العراق خلال خمسينيات القرن الماضي. فقد أقام سنة 1992 في مستوطنة كارني شمرون (6500 ساكن) المعزولة في تلال شمال الضفة الغربية وكان حينها يؤمن بنظريات اليمين الصهيوني المتطرف . وخدم راز (55 عاما) في وحدة مقاتلة في الجيش ثم في (الموساد) وأجهزة الاستخبارات الخارجية قبل التحول الذي طرأ على موقفه. وقد تعرض لصدمة لدى اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق اسحق رابين في تشرين الثاني(نوفمبر) 1995. وكان القاتل ناشطاً من اليمين المتطرف. وقال راز :"أدركت حينها مع من كنت أعيش". وزاد بناء "السياج الأمني" (جدار العزل الإسرائيلي) في توضيح معالم موقفه الجديد. وفي عام 2005 اصبحت مستوطنة (كارني شمرون) حيث اشترى منزلا من سبع غرف مقابل 160 الف دولار، على الجانب الآخر من سياج الأسلاك والاسمنت الذي تبنيه (اسرائيل) على غرار عشرات المستوطنات الأخرى على أراضٍ فلسطينية مسروقة. ويقول الرجل وهو اب لاربعة ابناء "لا اريد ان اكون درع الدولة لقد كنت كذلك خلال حياتي كلها سواء في الجيش او الموساد او كعميل امني في الطيران المدني والآن اريد مساعدة أبنائي على بناء مستقبلهم". ويتابع بغضب "اننا رهائن دولة حاصرتنا في الجانب الآخر من السياج ودمرت نوعية حياتنا وامننا وتراثنا العقاري" حيث إن منزله لم يعد يساوي سوى ستين الف دولار. واصبح راز في حيرة من امره. وقد يكون جورج ميتشل الموفد الاميركي الخاص للشرق الاوسط الذي وصل امس الى (اسرائيل)، مخاطبه الجيد. وقال راز: "إنني اود ان اقول لميتشل: كل سنة يعطي الاميركيون لإسرائيل ثلاثة مليارات دولار وفي المقابل على (الرئيس الاميركي باراك اوباما) ان يطلب انسحاب نحو مئة الف شخص يسكنون مستوطنات معزولة يريد معظمهم مغادرتها". وراز غير مطمئن البتة لمحاولات زعيم اليمين بنيامين نتانياهو تشكيل حكومة. واعرب عن خشيته من انه "الان مع احتمال تشكيل حكومة يمينية لا تريد قيام دولة فلسطينية ولا تريد السلام، لم يبق اي امل في المصادقة على قانون" لإعادة اسكان المستوطنين الراغبين في مغادرة مستوطناتهم. واسس الرجل سنة 2005 جمعية "بيت احد" لتجسيد تلك الفكرة مع الدبلوماسي الون بينكاس والنائبين السابقين كوليت افيتال (حزب العمل) وافشالوم فيلان (ميريتس). وافاد تحقيق اجرته حينها هذه الجمعية ومقرها في تل ابيب أن أكثر من نصف (57%) المستوطنين المقيمين في مستوطنات معزولة مستعدون لمغادرتها لإعادة إسكانهم في (اسرائيل) مقابل تعويض. لكن مع حكومة يمين يقودها نتانياهو يبدو ان ليس هناك فرصة للمصادقة على قانون من هذا القبيل. ولم يبق لبيني راز سوى ان يكظم غيضه والبقاء في (كراني شمرون) ومواصلة سداد دفعاته الشهرية.