تشير التقارير الاقتصادية إلى توقعات بهبوط الطلب على النفط مما يشكل تحدياً كبيراً لاقتصادات الدول الصناعية الكبرى والدول المنتجة للنفط، إلا أن الكثير من هذه التقارير ينقصها تحديث الأسباب التي أفضت إلى ما خلصت إليه من توقعات. وقال محلل اقتصاديات الطاقة في تريس داتا انترناشونال طارق الصقير ل"الرياض" معلقا على النشرة الشهرية الصادرة بيت الاستثمار العالمي "جلوبل" المتضمنة الإشارة إلى هبوط النمو في الطلب لأول مرة منذ 1983، إن هبوط النمو في الطلب على النفط يرتبط ارتباطا وثيقا بتوقف عجلة الإقراض، حيث إن النمو المضطرد الذي شهدناه في السبع سنوات الاخيرة كان قائما على التسهيلات الائتمانية والتي كانت مشبعة في أسواق السندات". وأضاف "حين عزف المستثمرون عن أسواق السندات توقف مصدر التمويل والذي دفع المؤسسات والشركات في العديد من دول العالم إلى إيقاف مشاريع التوسع في نشاطاتها وعندها كان من المتوقع أن تتلاشى قوى الطلب المؤقتة لتعود مستويات الطلب إلى وضعها السابق في فترة 2001م، إلا أنه شدد على أن هذا الهبوط المفاجئ لنمو الطلب لا يستدعي توقع أن يشكل اتجاها عاما في الأسواق النفطية، بل لا يعدو كونه تصحيحا للطلب المفرط على الطاقة. وكانت "جلوبل" قد رصدت في تقريرها بيانات عن منظمة الأوبك توقعت فيها الأخيرة أن يصل متوسط الطلب العالمي على النفط في العالم 2008م إلى 85.70 مليون برميل يوميا بانخفاض قدره 0.2 مليون برميل يومياً على أساس سنوي. وبحسب النشرة الشهرية للنفط الصادرة عن بيت الاستثمار العالمي "جلوبل" فإن هذه ستكون المرة الأولى منذ العام 1983م التي ينخفض فيها معدل نمو الطلب على النفط، حيث ارتفع معدل نمو الطلب على النفط بمتوسط 1.9 في المائة تقريبا منذ العام 1983. وبحسب "جلوبل" فقد أدى ارتفاع أسعار النفط وإلغاء الدعم في الدول النامية خلال السبعة أشهر الأولى من 2008م إلى هبوط الطلب، كما ألقت أزمة الائتمان بظلالها على الجزء الأخير من العام حيث أصبحت الإفلاسات وخطة الإصلاح المالية هي السمة المعتادة، والتي تصيب الاقتصاد العالمي بالتباطؤ ومن ثم الطلب على النفط وهو ما انعكس في شكل انخفاض حاد فى أسعار النفط. وربط التقرير ذاته ضعف الطلب بتزايد إجمالي مخزون النفط وعده سببا رئيسيا في ذلك، إذ استقر إجمالي المخزون التجاري الأمريكي عند 1,042.9 مليون برميل في نهاية يناير من العام 2009 بالمقارنة بمستواه البالغ 1,016.0 مليون برميل في نهاية ديسمبر من العام 2008، في ظل تزايد مخزون النفط الخام بمقدار 22.9 مليون برميل خلال شهر يناير من العام 2009م بالغا 3,47.4 مليون برميل. ويعد هذا أعلى مستوى للمخزون منذ شهر يوليو 2007م. وحسب التقرير يضاف إلى مسببات ضعف الطلب انخفاض معدلات تشغيل المصافي، حيث أدى انخفاض معدلات تشغيل المصافي بمقدار 84.0 في المائة وزيادة تراكم المخزون بالاستفادة من انخفاض أسعار النفط إلى زيادة المخزون بمقدار 26.9 مليون برميل في شهر يناير من العام 2009. وتعزى الزيادة بصفة أساسية إلى زيادة مخزون النفط الخام بمقدار 22.9 مليون برميل يوميا خلال شهر يناير من العام 2009 بالغا 347.4 مليون برميل بالمقارنة بمستويات شهر ديسمبر من العام 2008 وزيادة مخزون البنزين بمقدار 12.1 مليون برميل بالغا 220.2 مليون برميل خلال شهر يناير من العام 2009 بالمقارنة بمستويات شهر ديسمبر من العام 2008م. ومن جانب آخر شهد إجمالي مخزون النفط لأوروبا الغربية انخفاضا بمقدار 2.2 مليون برميل خلال شهر يناير من العام 2009 بالغا 1,113.0 مليون برميل بالمقارنة بمستويات شهر ديسمبر 2008 ، وهو ما يعزى بدرجة كبيرة إلى انخفاض مخزون النفط بمقدار 2.6 مليون برميل بالغا 28.2 مليون برميل، وانخفاض مخزون الوقود بمقدار 2.6 مليون برميل نتيجة لانخفاض إنتاج المصافي. وبالرغم من ذلك شهد مخزون النفط الخام ارتفاعا بمقدار 4.2 ملايين برميل حيث قيد انخفاض أسعار خام غرب تكساس أي فرص للتحكيم.