في كل مرة أكتب فيها عن سياقة المرأة أو عن الاختلاط وغيرهما من المواضيع التي سخنت الأجواء الثقافية في الفترة الماضية ينبري لي عدد من الاخوة الكرام ينادي بالتوقف عن الكتابة عن هذه المواضيع لقد شبعنا منها ألا تملون. اكتبوا عن العنوسة عن عضل المرأة ، اكتبوا عن الشوارع عن الطرق عن أسعار الموز والبردقان. إلى درجة تشعر معها ان هناك تعارضا بين الكتابة عن حقوق المرأة وتغيير نمط التكفير الاجتماعي والكتابة عن الخدمات ومصالح الناس اليومية. يا هذا يا هذا يا هلال يا نصر. أحد الحوارات التلفزيونية التي ظهرت فيها مع ضيف آخر كان يدور حول السينما. موضوع ممل أليس كذلك؟ رفع الضيف أوراقاً كانت بين يديه وأعلن للمشاهدين قائمة من المواضيع المهمة التي يتوجب على الكتاب والإعلاميين مناقشتها دون غيرها. من بين هذه المواضيع: المخدرات أزمة الاسكان سرقات السيارات .. إلخ. ثم أردف قائلاً: مواضيع السينما أو سياقة المرأة للسيارة وغيرهما ليس هذا وقتها. لدينا قضايا مهمة علينا مباشرتها. سألته: من الذي يمنعك عن مناقشة القضايا المهمة؟ إذا كنت ترى ان هذه المواضيع تافهة فلماذا تشارك في حلقة مكرسة لمناقشة موضوع تافه كهذا؟ لماذا تحشر نفسك مع التافهين؟ طبعاً واضح ان الرجل لا تهمه المخدرات أو العنوسة. زج بهذه المواضيع حتى يقوى حجته المعادية للتحديث وحقوق المرأة. إذا انتقلنا من تصنيف القضايا ما بين تافه ومهم نجد في الجهة الأخرى من يرى ان مواضيع حقوق المرأة أصبحت مملة. ما تملون من تكرار هذه المواضيع؟ قبل سنوات أودع رجل السجن بعد عجزه عن سداد دين مستحق عليه. أخذ ذووه وأقاربه بالبحث عن طريقة لاخراجه من السجن. استمرت المساعي أشهرا طوالا. كانت القضية حديث العائلة. في كل مرة يجلسون يناقشون حياتهم ومواضيع متفرقة بما فيها الكورة والفن ولكنهم يعودون مرة أخرى إلى قضية ابنهم المسجون. في كل مرة يتحدثون عن القضية يعودون إلى نفس الكلام السابق وتكرار نفس الحلول. لم يملوا من طرح قضية ابنهم.. ببساطة مازال الابن في السجن. لا يمكن ان يتوقف الحديث عن قضيته حتى يخرج من السجن. ترك القضية بدعوى الملل خيانة. الحوار حول قضية مازالت معلقة يثريها ويحرك الراكد فيها ويحرض على سرعة البت فيها ويدخل عليها مؤيدين جددا. قضية حقوق المرأة ليست من قضايا قل رأيك وامش أو تصويتا ديموقراطيا. المسألة مرافعة مستمرة. طالما ان صاحب القرار مازال يستمع ويشجع على مناقشة القضية. إنها مسؤولية الجميع. قرار حلها يتوقف على الاستمرار في طرحها وبحثها وتقليبها. السجين لم يخرج بعد من السجن. ليس من العدل التوقف عن تقليب قضيته وتطارحها بدعى الملل. يجب ان يستمر الضغط ويجب ان تستمر المرافعة ويجب ان تبقى الأصوات مرتفعة.. طبعاً واضح ان أصحاب دعوى الممل لم يملوا إنما ضاقوا بتطور الوعي بحقوق المرأة فرفعوا دعوى الملل للتعبير عن فزعهم.