يتحدّث أهل القارة الأوروبية عن الطقس قليلا. ويتحدّث السكان الأصليون للجزر البريطانية عن الطقس كثيرا. وربما أكثر من أي شيء آخر. يبدؤون به كل أحاديثهم، حتى الهاتفية منها. وقالوا إن الغريب لا يُكلّم الغريب إلاّ إذا كان الموضوع يتعلق بالطقس. وإذا قابلك إنجليزي ومسك بيديه على ياقة معطفه في يوم عاصف أو مطير أو جليدي وقال : شوكنج ( Shocking ) أي : فظيع أو مروّع فإنه لا يقصد إلا الطقس. ونشرتهم الإذاعية فيها من تفاصيل الطقس أكثر منه في السياسة والضرائب والمال والبورصة. يبدو لي شخصيّا اننا سنجد انفسنا نقترب منهم في الحديث عن الطقس وأخباره ومفرداته ومواسم السنة وأبراجها. هذا بعد الغبار الذي يُغلف منطقتنا. ففي يومية إلكترونية كتب كاتب كويتي حديثا شيقا عن الطقس عندهم. تطرّق إلى مفردة معروفة هي " الطوز " الذي يلازم الكويت في بعض مواسم السنة، وهو ذرات الغبار الدقيقة جدّا. قال إن الكلمة جاءت من ( طز ) tuz التركية التي تعني الملح ( ملح الطعام ) لأن حباته ناعمة. وكتبتُ إلى بريده الإلكتروني وقلت له رأيا مخالفا. فالملح ليس بنعومة ذرات الغبار. واستندت إلى مرجع يقول إن المفردة التركية تعني الملح وهذا صحيح. وأهل مصر يستعملون الكلمة (طز) لتعني عدم المبالات. وبحثتُ عن السبب. بحثتُ عن الكلمة، ولماذا نستعملها بكثرة، نقلا عن اهل مصر، وجدتُ أن الكلمة ليست سوقيّة إلى الحد الذي يوحي بها نطقها. كلمة طز لها معنى آخر بعيد عن عدم المبالاة وهو: أن (طز ) كلمة عثمانية قديمة معناها (ملح). فعندما كان الأتراك يسيطرون على العرب في مراكز التفتيش. كان العرب يذهبون لمبادلة القمح بالملح.. فعندما يمر العربي خلال بوابة العسكري التركي وهو يحمل أكياس الملح يشير إليه التركي بيده إيذانا بالدخول ودونما اكتراث بقول (طز) (طز) (طز) فيجيب العربي (طز) بمعنى إنه فقط ملح أي لا شيء ممنوع أو ذا قيمة فيدخل دون تفتيش. وفي لهجة أهل القصيم يقولون عن الشيء الجميل والمستعذب: «كلّه ملح» يعني: كلّه طز.. !! . وملح القصب أجود أنواع الملح عندنا. يعني يجوز نقول «طز القصب» .. مزحة أرجو أن لا يأخذها أهل القصيم والقصب بجديّة .