بشموخها الكبير ظلت البيوت الطينية القديمة تقف أمام كل ما يمكن أن يزيلها أو يهدمها سواء من فعل البشرية أو من فعل العوامل الزمنية والجوية متحدية كل ما من شأنه أن يبعدها عن واجهة المدن المتطورة والأحياء المتقدمة وكذلك عن أنظار المواطن وهواجسه ومخاوفه على الرغم من انها هجرت منذ أمد بعيد وتركت تعيش في وحدتها بعد أن من الله على هذه ا لبلاد بأسباب التطور العمراني الكبير الذي شهدته بلادنا الغالية منذ التسعينات الهجرية. هذه البيوت الطينية تمثل في الواقع جزءاً كبيراً من مناطقنا وتحتل مواقع كبيرة منها وخاصة تلك التي في وسط المدن وأماكن توفر الخدمات العامة بشكل أكبر من غيرها نظراً لوقوعها داخل محيط مساكن المدن القديمة والتي حظيت بوفير الخدمات مع بداية القفزة العمرانية التي شهدتها بلادنا الغالية. غير انها الآن أصبحت وهي بهيكلها الحالي ومنظرها الموجود والقائم حالياً منظراً تعيساً يشوه بكل معنى الكلمة واجهة المدن ويعيق كل الحركات التطويرية لأي منها وذلك بسبب تعارضها مع التخطيط الحديث وبقائها بهذا الشكل المتعري والذي لا يستفاد منه على الاطلاق بل العكس من ذلك أضحت تشكل ضرراً على المواطنين والمجاورين وتمنع إزدهار الحركة التجارية في هذه الأحياء حيث تبسط طينها على أراضي لو تم استغلالها تجارياً لأصبحت من اجمل الأماكن التجارية وأكثرها نشاطاً وذلك لكونها تقع في الغالب وسط المدن مما يوفر لها تميزاً أكثر في جذب المتبضعين من كل الأماكن. بقي أن نذكر ان هناك عدداً من اللجان التي شكلت لدراسة موضوع هذه البيوت والتي سميت بالآيلة للسقوط لكنها وحتى هذه اللحظة لم تخرج لنا بنتيجة تجعلنا أكثر تفاؤلاً بأن نرى أحياءنا وقد خلت من هذه البيوت التي غدت تهدد حياة المارين، من جانبها فهي معرضة للسقوط بالإضافة لكونها تمثل في الجانب الأمني مخبأ قد يستغله ضعاف النفوس ويستعملونه في الانطلاق لتمرير جرائمهم إذ يعتبر مأمناً من الملاحقة طالما هو في مثل هذه البيوت التي لا يسكنها حتى الأشباح وهو الأمر الذي قد يستبعده الكثيرون فيما لو تمت جريمة ما.. لا سمح الله. في الجانب الاقتصادي تقف هذه المباني الطينية حائلاً أمام رغبات الكثيرين من الاستفادة من الأراضي الواقعة بجوارها نظراً لانصراف الغالبية عن المباني التي تجاورها. اما كراهة أن يشوه وجودها منظر منزله أو خشية من أن يجد فيها ما ينغص عليه عيشه ويخرجه من بيته. في هذا الجانب عبّر عدد من المواطنين عن أمنيتهم بأن تباشر الجهات المختصة حالاً عملية إزالة هذه البيوت الطينية من الأحياء وهدمها إذ أن تسويتها بالأرض وتركها أرضاً بيضاء أفضل بكثير مما هي عليه الآن، وهذا لن يدع لأحد فرصة المطالبة ضد هذه الجهات بأي شيء لأنها في حالتها هذه وبقائها في شوارعها التي تشعر الناس بالرهبة والخوف ومما قد يواجهونه فيها لذلك تجد غالبية شوارع هذه المناطق لا يستخدم نهائياً. الغريب في الأمر أن أصحاب هذه البيوت ومالكيها لا يزالون بعيدين كل البعد عنها رغم ما تمثله من فرص استثمارية جيدة في التعمير والإيجار أو الاستثمار التجاري بإنشاء المحلات التجارية فيها والاستفادة منها بدلاً من تركها بهذه الحال المتردية. إلى ذلك تظل عملية إزالة هذه المباني الطينية من الأحياء غير مكلفة للجهات المختصة وقد تستفيد منها البلدية تحديداً في استثمار تربتها الطينية في مشاتلها ومواقع الحدائق العامة لها في جوانب عديدة كالزراعة وتسوية الأراضي التي تتطلب ذلك بدلاً من جلب كميات كبيرة من الأتربة من خارج نطاق المدن.