تمتد الأسلاك الشائكة لتمنع مرور «متطفل» إلى منطقة محظورة ليس من حقه العبور إليها إما لأن ملكيتها تعود لغيره وغيره هذا لا يريد لأحد أن يدخلها غيره أو لأنه ليس من المفترض أن يطلع على ما بداخلها رغم أنها ملكية عامة أو من أجل منعه من الإضرار بها وحمايتها أو لحمايته هو كون هذه المنطقة المحاطة بأسلاك شائكة تحتوي ما قد يعرضه للخطر. بالنسبة للأسلاك الشائكة الأمر طبيعي جداً ومقبول بل مطلوب فهي مصنوعة من جماد ويتكون غالباً من الحديد المطاوع وإن قام بمدها وإحكامها البشر. ثمة أجساد بشرية شائكة لم يمدها أو ينصبها أحد لكنها مدت نفسها لتحيط بشخصية عامة وتحرم غيرها من الاقتراب من تلك الشخصية بل تجتهد في المنع وكأن ذلك المدير أو المسؤول شيء تمتلكه أو منطقة محظورة بقرار ممن يحيطون به من الأجساد الشائكة. في عصر الوعي والشفافية والرغبة في الاحتكاك بأكبر عدد ممكن من الناس ومن شرائح وفئات مختلفة ومتعددة يحرص المسؤول عن شأن ما أن يستمع للجميع ويحاور الغالبية وينوع مصادر اطلاعه واحتكاكه بالناس. لكن من يحيطون به يصرون على ممارسة الوصاية على محيطه ويتحولون فجأة إلى أنوف شائكة تمارس شم رائحة القادم الجديد المرفوض أصلاً بالنسبة لهم مهما كانت رائحته وينصبون أمامه العوائق التي تناسب طبيعته أو «رائحته» بالنسبة لهم. فإذا كان ممن لديه أنفة وعزة نفس وحساسية مفرطة لما ينال من كرامته فإن التطفيش وإشعاره بعدم الرغبة فيه كفيل برده. أما إن كان كثير المشاغل فعلاجه بكثرة المواعيد، وهكذا فإن لكل قادم أسلوب «لتصريفه» إلى أن يأتي من تفوح منه رائحة عدم الإحساس ولا الأنفة ولا الذكاء وهذا يتركونه وشأنه ليجتاز كل العوائق لأنهم يعلمون أنه لن يحظى بالقبول ولا يشكل خطراً على منطقتهم التي يملكونها أو يدعون ملكيتها. بقي أن نقتنع بنظرية الأنوف الشائكة تلك وإذا اقتنعنا فإن المدير الذكي أو المسؤول الأذكى هو من يعمد إلى الخروج من دائرة الأجساد الشائكة ليقابل الناس بعيداً عنها لأن أحداً لن يستطيع منعه. بل ما رأيك في إجراء تغيير دوري للأنوف من حولك؟!