المهرجان الوطني للتراث والثقافة الذي يطلق عليه اختصاراً مهرجان «الجنادرية» نسبة للمكان الذي أقيم على أرضه أو مقربة منه أول سباق للهجن منذ حوالي واحد وثلاثين عاماً ومثل النواة الأولى لنشأة هذا المهرجان الذي يقام سنوياً وتفتتح دورته العشرون نهاية هذا الأسبوع مر خلال دوراته الماضية بالعديد من خطوات التأسيس والتطوير، بدءاً من توفير موقع لأنشطة وفعاليات هذا المهرجان مروراً بالتخطيط والتنفيذ لإقامة المباني اللازمة لتلك الأنشطة والفعاليات وانتهاءً بالتحديث لعناصر موقع المهرجان تبعاً للتوسع في دائرة برامجه الثقافية والتراثية والتطور في مضامينها، وبلاشك أن تلك الخطوات استلزمت تكاليف تأسيس وتطوير وصيانة ضخمة ناهيك عن تكاليف التشغيل السنوية خلال الأربعة عشر يوماً التي هي مدة المهرجان وتصل لأربعة عشر مليوناً، بمعدل مليون ريال يومياً، توظف لاستقبال أكثر من 1,2 مليون زائر للمهرجان بمتوسط يومي يبلغ أكثر من 85 ألف مرتاد لفعاليات هذا الحدث الثقافي الوطني. إن من المتفق عليه أن مهرجان «الجنادرية» أضحى على مدى دوراته الماضية معلماً ثقافياً على المستويين المحلي والإقليمي ورسخ موقعاً أساسياً له على روزنامة الأحداث الثقافية في الوطن العربي ولكن خطوات التطوير والتحديث لهذا المهرجان ينبغي ألا تقف عند سقف معين كما بدأ الجميع يلحظها خلال السنوات الأخيرة الماضية، ومبرر ذلك ينبغي ألا يكون هو ارتباط هذا المهرجان بجهاز حكومي مثل الحرس الوطني مما يجعله خاضعاً لميزانية سنوية قد تتذبذب لهذه المؤسسة العسكرية التي ربما لا يمثل هذا المهرجان جزءاً من مسؤولياتها الأساسية، لذا أضحى من المناسب أن يعاد النظر في هذا المهرجان على نحو استثماري يحقق الاستمرارية والتطور لأهدافه وبرامجه وبالتالي أنشطته، كما ينبغي كذلك أن يوضع هذا المهرجان ضمن الإطار الثقافي الشامل في مدينة الرياض التي تحتضن فعالياته سنوياً، ومن ثم قد يكون من بين البدائل الملائمة التي تحقق هذا الغرض هو قيام الحرس الوطني الذي أنشأ ورعى هذا المهرجان عبر عقدين من الزمن أن يتبنى ويشرف على تنفيذ خطة استراتيجية لتطوير هذا المهرجان على مدى الخمس أو العشر سنوات القادمة يسند إعدادها للهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض المعنية ضمن مسؤولياتها التخطيط للجوانب الثقافية في المدينة بحيث تضع هذه الخطة ضمن أسسها أن يكون مهرجاناً استثمارياً يحقق الأهداف الثقافية السامية المرسومة له «حدثاً تراثياً ثقافياً وطنياً»، وأن يسند تنفيذ برامج وأنشطة هذه الخطة لمؤسسات ثقافية يملكها القطاع الخاص واعتبارها حقائب استثمارية تطرح لأولئك المستثمرين في قطاع ننشد أن تتوسع دائرة نشاطاته وأن تمتد على مدى أيام العام ليس لفعاليات هذا المهرجان فحسب وإنما لمناسبات ثقافية أخرى على امتداد مساحة الوطن.