حسم ديوان المظالم الجدل القانوني الذي استمر عامين بشأن قانونية لجنة تسوية المنازعات المصرفية التابعة لمؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" ، وذلك بعد أن أكد أن اللجنة ليست جهة قضائية أو شبه قضائية وليست سوى جهة إدارية بحتة ، وأن الأمر الملكي القاضي بإحداث اللجنة لم يمنحها الحق في فصل أي نزاع بين البنوك وعملائها، حيث كلفها فقط بدراسة هذه النزاعات والسعي إلى تسوية ترضي الطرفين. وأكدت الدائرة التجارية الثانية في ديوان المظالم، أن قرارات لجنة تسوية المنازعات المصرفية ليس لها الحق في أن تمنع أي جهة قضائية تجارية من نظر النزاع الذي سبق للجنة أن نظرت فيه ، إلا في حالة توصل اللجنة بالفعل إلى تسوية مرضية للطرفين. وكانت هذه القضية أثارت جدلا واسعا خلال العام الماضي فى الأوساط المالية السعودية، وذلك على خلفية الدعاوى القضائية التى أقامها مستثمرون وعملاء بنوك أمام ديوان المظالم ضد لجنة تسوية المنازعات المصرفية. وكان ينظر الى ان اللجنة تجاوزت اختصاصاتها كلجنة تسوية لتصبح لجنة فصل وإلزام، وذلك على الرغم من عدم صدور نظام لها يوضح كيفية صدور قراراتها وسبل الطعن فيها من مواعيد الطعن وخلافه مما هو لازم لعمل أي جهة قضائية لأحكامها صفة الإلزام الجبري. وأبرز الاتهامات التي طالت اللجنة تمثلت في أن اللجنة جعلت قرار التوصل إلى تسوية مرضية للطرفين راجعا إليها وصادرت حقوق الأطراف الأخرى ، وذلك بالرغم من الأمر السامي القاضي بتشكيلها والذي نص على أن اللجنة عندما تقرر أنها لم تتوصل إلى تسوية مرضية للطرفين أن يحال النزاع للمحكمة المختصة. وكانت مؤسسة النقد العربي السعودي قد تمسكت بالدفاع عن لجنة تسوية المنازعات المصرفية بعد احتدام الجدل حول صلاحياتها القضائية ، حيث أكدت "ساما" أن اللجنة تعدّ لجنة قضائية تمارس اختصاصاً قضائياً طبقاً للأوامر السامية القاضية بتأسيسها ، إضافة إلى أحكام وقرارات قضائية من المحاكم العامة ومن ديوان المظالم ومن مكاتب الفصل في منازعات الأوراق التجارية، قضت بعدم اختصاص تلك الجهات في نظر المنازعات المصرفية وأن نظرها هو من اختصاص لجنة تسوية المنازعات المصرفية. إلا أن الدائرة التجارية الثانية في ديوان المظالم شددّت في سياق حكمها في إحدى قضايا المستثمرين ضد بنك محلي ، الى إن لجنة تسوية المنازعات المصرفية في "ساما" ليست سوى جهة إدارية بحتة وليست جهة قضائية أو حتى شبه قضائية بأي حال من الأحوال ، مضيفاً :" أعضاء اللجنة ليسوا قضاة ، ولا يعينون وفق السلم الوظيفي الذي يعين عليه القضاء ، كما أنهم لا يخضعون ولا يتمتعون بحصانة القاضي، حيث أن أعضاء اللجنة يعينون بقرار يصدر عن مجلس الوزراء، في حين يعين القضاة بمرسوم ملكي. وأضاف ديوان المظالم في حكمه الذي حصلت "الرياض" على نصّه:" أن أعضاء اللجنة وخلافا للقضاة لا يترقون في سلمهم الوظيفي على درجات وظيفية، وتجري مساءلتهم كسائر الموظفين العاديين أمام هيئة الرقابة والتحقيق، في حين تجري مساءلة القضاة المسلكية إما أمام مجلس القضاء الأعلى بالنسبة لقضاة المحكمة العامة أو الجزئية، وإما أمام لجنة تأديبية خاصة بالنسبة لقضاة ديوان المظالم. وشدد ديوان المظالم على عدم وجود أي لجنة أو جهة استئنافية عليا تختص بالنظر في الاعتراضات على القرارات التي تصدرها لجنة تسوية المنازعات المصرفية ، وإنما ترفع الاعتراضات التي تقع من بعض الاشخاص على قرارات هذه اللجنة إلى وزارة المالية أو إلى مؤسسة النقد العربي السعودي ، ثم تحال إلى هذه اللجنة نفسها لتنظر فيها، وهي نفسها التي تصادق على قرارات نفسها وتؤيد نفسها فيما انتهت إليه في قراراتها محل الاعتراض " وتابع ديوان المظالم :" هذا يعني أن هذه الاعتراضات لا تعدو أن تكون تظلما من قرار إداري أمام الجهة الإدارية التي أصدرته ، وهذا يؤكد كونها مجرد لجنة إدارية لا أكثر ولا أقل ، بسبب عدم وجود أي نظام في السعودية أو نص يقضي بأن يتم الاعتراض على حكم قضائي معين أمام المحكمة التي أصدرته باستثناء الأحكام الغيابية فقط والتي لا تعد صادرة في محاكمة بالمعنى النظامي والشرعي للكلمة ". واعتبر ديوان المظالم أن موقع هذه اللجنة في التسلسل الهيكلي والاداري يجعلها تابعة لمؤسسة النقد العربي السعودي التابعة أصلاً لوزارة المالية ، مشيراً إلى أن الجهتين من الجهات الإدارية بلا خلاف ، حيث أن القاعدة أن التابع تابع ، والأصل أنه لا يصح أن تكون هناك جهة إدارية تحتضن أو تتبع لها جهة قضائية، لما يؤدي إليه هذا الأمر من خرق لمبدأي فصل السلطات واستقلال القضاء ، إلا إذا كانت هناك نصوص نظامية صريحة وقطعية تخول بعض اللجان بعض المهام القضائية ، وهو الأمر غير المتوفر في لجنة تسوية المنازعات المصرفية وفقاً لنصوص الأمر الملكي القاضي بإنشائها ، والذي كلفها بدراسة النزاع بين البنك والعميل في ضوء الاتفاقيات المبرمة بين الطرفين ، وبهدف التوصل إلى تسوية مرضية للطرفين.