المراد بالاعتراض بطلب إعادة النظر هو: إلغاء الحكم الصادر، وإعادة الترافع من جديد، أمام قضاة آخرين غير الذين صدر منهم الحكم السابق، وبحث الدعوى من جميع نواحيها، بحيث قد ينتهي الأمر إلى إدانه المتهم مرة أخرى أو إلى براءته، وليس مجرد قصر النظر في الأخطاء القضائية الحاصلة في الحكم، والواقع يقرر أن هذا المفهوم قد يخفى على بعض أهل الاختصاص من القضاة او المدعين العامين او المحامين، وهو أمر يحتاج معه إلى النظر في نشر الثقافة القانونية ليس في اوساط المجتمع فقط بل بين أهل الاختصاص أيضاً وخاصة فيما يتعلق بكيفية الاعتراض على الاحكام القضائية وبالذات الاحكام الجزائية التي قد ينبني عليها مصادرة حق المحكوم عليه في الحياة. وقد قررت محكمة النقض المصرية هذا المفهوم حيث نصت على أن التماس إعادة النظر يهدف إلى محو الحكم الملتمس فيه ليعود مركز الملتمس في الخصومة إلى ما كان عليه قبل صدوره، ويمكن بذلك من مواجهة النزاع من جديد. وذلك فإن بعض القوانين تطلق على طلب إعادة النظر: إعادة المحاكمة، باعتبار ان المعنى الصريح لإعادة النظر هو إعادة المحاكمة، كالقانون السوري والأردني واللبناني والعراقي، وأرى أن اطلاق مصطلح إعادة المحاكمة أدق من مصطلح إعادة النظر لأنه يوضح المفهوم الحقيقي لهذا الاجراء. ويلحظ من هذا أن مفهوم إعادة النظر يرتكز على أنه وسيلة من وسائل الاعتراض على الأحكام، ويراد به تفحص قضائي لقرار، من اجل الرجوع عنه ومن أجل إبطاله من قبل سلطة أعلى. ولذلك ورد في معجم القانون الصادر عن مجمع اللغة العربية بالقاهرة بأنه: "طريق طعن غير عادي في الأحكام النهائية في الجنايات والجنح، لعيوب متعلقة بالوقائع، يحددها القانون على سبيل الحصر". وهو بناء على ذلك طريق من طرق الطعن في أحكام القضاء، يلجأ إليه الخصم في الأحوال المنصوص عليها في القانون لنقض حكم من المحكمة التي اصدرته ليتمكن من السير في النزاع من جديد. وعليه فإن مفهوم إعادة النظر يتضمن مايلي: 1- إنه طريق من طرق الاعتراض على الأحكام. 2- إنه يكون بعد أن يصبح الحكم القضائي نهائياً. 3- إن طلب إعادة النظر يقدم بناء على افتراض وجود خطأ في الحكم القضائي من حيث احداث الواقعة، لامن حيث الخطأ في القانون. 4- يهدف إلى إعادة المحاكمة من جديد. وإعادة النظر يستهدف الأحكام القطعية المشتملة على عقوبة، التي استنفدت جميع طرق الطعن العادية الممكنة قانونا، أو فاتت المدة القانونية لتقديمها، فأصبحت تلك الأحكام قابلة للتنفيذ، لغرض تصحيح الأخطاد القضائية التي شابت تلك الأحكام، بعد أن أصبحت مكتسبة لقوة الأمر المقضي به، بهدف إثبات براءة المحكوم عليه أو تخفيف العقوبة التي حكم بها عليه. لكن هناك حالات لايمكن فيها إعادة المحاكمة كما لو كان المحكوم عليه قد مات، أو سقطت الدعوى الجنائية بمضي مدة التقادم عند من يعتبر التقادم مسقطً للدعوى، فحينئذ يختلف الأمر إذ ينظر في موضوع الدعوى ولايغلي من الحكم إلا ما ظهر خطؤه، فإن لم يمكن تلافي الخطأ فيتلافي ما يمكن من أثره. ولطلب إعادة النظر طبيعة خاصة به تميزه في أحواله عن بقية طرق الطعن، وبيان ذلك كما يلي: 1- إعادة النظر لايخضع تقديمه لميعاد معين، بل يجوز ذلك في أي وقت، وفي أي مرحلة من مراحل تنفيذ الحكم حتى ولول سقطت العقوبة بل حتى لو نفذت. 2- طلب إعادة النظر لايرد إلا على الأحكام التي حازت القطعية، بينما لاتقبل هذه الأحكام أي طريق آخر من طرق الطعن. 3- طلب إعادة النظر مقصور على الأحكام الصادرة بالإدانة دون الأحكام الصادرة بالبراءة، فهو وسيلة لإثبات براءة المحكوم عليه، ولم يشرع إلا لمصلحته لا للإضرار به، في حين انه يمكن الطعن بهذه الأحكام بطرق الطعن الأخرى. 4- إعادة النظر يختص بالخطأ في الوقائع وليس له علاقة بالخطأ في القانون. @ باحث في النظم القضائية