حذر إمام جامع الأمير سلطان بن عبدالعزيز بحي سلطانة الشيخ عبدالله بن محمد العقيل في خطبته ليوم الجمعة من فكر الخوارج مؤكداً أن هذا الفكر يبدأ خطوة خطوة بالنقمة على ولاة الأمر والعلماء والتجريح بهم في المجالس ويتطور الحال إلى أن يزعم أصحاب هذا الفكر أن العلماء طلاب مال ويتطور الأمر عبر اجتماعات أهل الزيغ والضلال حتى يكفروا المجتمعات لأن حجة من لم يكفر الكافر كافر مثله. وقال الشيخ العقيل في خطبته إن المؤمن الصالح والعاقل الفالح ليتأمل ما حوله من الأحداث وما يجري أمامه من الوقائع ليوظفها لخدمة دينه وأمته ولينجو بنفسه من شرها وضررها سائلا الله تعالى أن يوفقه ويهديه لما اختلف فيه من الحق بإذنه كما كان رسول الهدى صلى الله عليه وسلم يفعل والمسلم لا يفوته الاعتبار وتنفعه الذكرى والإذكار كل شيء بقضاء وقدر والليالي عبر أي عبر لكن من يعتبر يا عباد الله وخير من هذا قول الباري جل جلاله {فاعتبروا يا أولي الأبصار} إننا تجاه ما نرى يا عباد الله تجاه ما نرى من أحداث إجراماً وإرهاباً ودموية وإفساداً وظهوراً لفكر خارجي قد تجدد وعاد سفك لدماء واعتداء على الأبرياء وشق لعصا الطاعة التي قد فرضها رب الأرض والسماء واستهتاراً وإخلالاً لأمن الأمة المسلمة عبر إشاعة الفوضى والتدمير والتكفير وتفريق الكلمة وتمزيق الصف أقول إخوة الإيمان إننا أمام هذا النذير العريان وإزاء هذا الشر والفساد والعدوان نتدارس جملة من الحقائق التي يجب أن لا تغيب عن عاقل أبداً أبداً الحقيقة الأولى أن أراد هذه البلاد بسوء بلاد الحرمين الشريفين حرسها الله من أرادها بسوء فإن الله مخزيه وراداً كيده في نحره لا نقولها تعليلاً بل تحقيقاً ولا نقولها تألياً على الله حاشا وكلا ولكن سنن الله ثابتة وانتقامه من أعدائه شاهد على مدى التاريخ منذ أبرهة الأشرم إلى حوادث القرامطة مروراً بعصور ضعف الأمة وهوانها أيام الاستعمار الغربي المتسلط على خيرتها ومقدراتها إلى حادثة الحرم المكي عام 1400 لهجرة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم الحادثة التي عطلت بسببها الصلوات في أشرف مكان على وجه الأرض إلى حوادث أخرى كغزو صدام وجمعه حشوده على أطراف المملكة حتى رد الله كيده وسلط على الظالم من هو أظلم منه {وكذلك نولي بعض الظالمين بعض بما كانوا يكسبون} ومروراً بحقب الزمان وتعاقب السنين إلى ما نراه اليوم من إهاب وتقتيل وتدمير وتكفير كله لا يخرج عن سنة الله الكونية ولن تجد لسنة الله تبديلاً وأنني إذ أقول ما تسمعونه يا أيها الأحبة لأجزم يقيناً أن ما أصاب أصحاب الفيل وإن ما لحق بالخوارج على مدى التاريخ وأن ما حصل للظلمة والمتجبرين والطغاة والملحدين في الحرم ليس ببعيد عن أخلافهم سفهاء الأحلام حدثاء الأسنان أهل التفجير والتكفير قال الله جل وعلا {ولا يحيط المكر السيئ إلا بأهله} ويقول سبحانه {ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً} ويقول صلى الله عليه وسلم لأسامة بن زيد رضي الله عنه أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله فما تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة. الحقيقة الثانية : أن فكر الخوارج أخوة الإيمان إنما يبدأ خطوة خطوة ودرج بل دركة دركة ولا يزال السفيه المغرر به المخدوع في فكره المدفوع في قتله واعتدائه وسفكه لا يزال يضحك عليه ويزين له ذلك باسم إنكار المنكر وهو لا يدري إنها خطوات للشيطان التي قال الله عنها {يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان) فأول ما يبدأ بالنقمة على الولاة والعلماء والتجريح بهم في المجالس همزهم ولمزهم وانهم لا يغيروا من الحال وانهم لا ينكرون المنكرات ويتطور الأمر فيه وفي أجناسه إلى أن يزعم أنهم أي العلماء يزعم أنهم شيوخ دنيا وطلاب أموال حتى لا يستعين بفتواهم ويسخر من تصريحاتهم وبياناتهم وخطبهم ومحاضراتهم وهكذا دواليك خطوة خطوة دركة دركة حتى يقع في سبهم بالعبارة دون الإشارة والتصريح دون التلميح ثم لا يزال الأمر يتطور إلى أن يستولي بغضهم وبغض من أطاعهم وتبعهم على قلبه كل ذلك مع سماعه لأقوال وأهواء أهل الشر والمرجفين عبر شبكات الانترنت وعبر قنوات الإفساد وعبر اجتماعات أهل الزيغ والضلال والعناد إلى أن تقع الهامة وتتبعها الطامة فيكفر المجتمعات والخاصة والعامة بمن فيهم الولاة والعلماء وكافة الناس لأن حجة أن من لم يكفر الكافر صار كافراً مثله لهذا رأينا اعتدائهم على المسلمين ورأينا اعتدائهم على رجال الأمن من هذا البلد الذي ليس على وجه الأرض أطيب منه بعد أن كانت اعتداءهم على المعاهدين المستأمنين صار الأمر كما ترون لأن خطوات الشيطان يتبع بعضها بعضاً ولأن السيئة تقول اختي اختي ولا حول ولا قوة إلا بالله اللهم احفظنا في ديننا اللهم إنا نسألك أن تحفظنا في ديننا وفي عقولنا وفي أموالنا وفي أوطاننا واهدنا فيما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم لهذا أخوة العقيدة كان لزاماً على كل مؤمن أن يسعى لتحصين الأمن الفكري كما يسعى لتحصين الأمن الوطني والاستقرار البلدي الحقيقة الثالثة أن المسائل الكبار التي تهم عامة الأمة لا يجوز لأحد من أفراد الناس أو من طلبة العلم فضلاً عن العوام لا يجوز أن يفتي فيها أو يتصدرها إلا المؤسسات الجماعية والفتيا يجب على المسلم أن يحذر من مغبتها ومن كُفي فليحمد الله قال عطا أدركت أقواماً كان أحدهم إذا سئل عن شيء يتكلم وأنه ليرعد وقال ابن عيينة أعلم الناس بالفتوى أسكتهم فيها وأجهل الناس بها انطقهم فيها وحكى عن مالك إنه إذا سئل عن مسألة فكأنه واقف بين الجنة والنار أما جهال زماننا اليوم مع مستفتيهم فكما قال الناطق: كالبهيمة عمياء قاد زمامها أعمى على عوج الطريق الجائري فلا يجور أن يفتي في المسائل الكبار أو يتصدرها إلا المؤسسات الجماعية التي تجتمع لها المعلومات ومن التقصيات ما لا يجتمع لغيرها كهيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للافتاء والبحوث العلمية فهذه باجتماعاتها يندر خطؤها بخلاف الأفراد وهذا هو المتعين يا عباد الله وهو المختار من قول الله جل وعلا {فسألوا أهل الذكر إن كنت لا تعلمون} وإذا أردتم مثالاً على المسائل الكبار التكفير والتبديع والتفسيق لا يجوز للأفراد أن يتصدروها أو أن يتجرأوا عليها لما يترتب على تلكم الجرأة من الفوضى وعدم الانضباط فالتكفير إذا اطلقته على أحد فقد باء به أحد كما أخبر عن ذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم والتبديع كذا ليس بالأمر الهين فالمبتدع عمله مردود وجهده ما أزور غير مأجور إذا اطلعت على فلان أنه مبتدع أو أنه بدعي فهي والله كلمة إما لها من برهان وإما لها من سلطان يأخذ الحق لصاحبه في الدنيا أو في الآخرة ورب كلمة قالت لصاحبها دعني وأما التفسيق فلنطهر ألسنتنا منه يا عباد الله وإن كان شأنه أخذ من سابقتيه إلا أنه ليس بالهين لما يترتب عليه من عدم العدالة ومن رد الشهادة فالله الله يا أمة الإسلام ويا شباب الإسلام خاصة اتقوا الله تعالى وأحذروا سخطه وعقوبته والتزموا سنة حبيبكم صلى الله عليه وسلم الذي قال (لقد تركت فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله وسنتي) فعليكم بالكتاب والسنة وجماعة المسلمين فإن يد الله على الجماعة ومن شذ عنهم شذ في النار أعاذني الله وإياكم من نار جهنم أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين والمؤمنين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه كان غفاراً. وفي خطبته الثانية قال العقيل إن على المؤمن أن يفرق بين الجهاد والإرهاب الجهاد باب من أبواب الجنة، الجهاد سبيل عزة المسلمين على حقب الزمان وعلى اختلاف المحن والأماكن والإنسان، أما الإرهاب فما هو والله بجهاد أين الجهاد من قتل الأبرياء وأين الجهاد من الافتيات على ولاة الأمر الذين قد جعل الله في عنقك أيها المسلم قد جعل الله في عنقك بيعة لهم وأين الجهاد إلى الخروج بدون إذن الوالدين بل وأين الجهاد من قتل النفوس المسلمة كقتل رجال الأمن المسلمين قال صلى الله عليه وسلم لأسامة أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله فما تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة ويقول عليه الصلاة والسلام كما في الحديث الصحيح لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً ومع هذا كله فلا يجوز الخلط بين الجهاد الذي هو ذروة سنام الإسلام والإرهاب الذي هو الظلم والاعتداء على الحرمات والذمم قال سماحة المفتي حفظه الله تعالى هذا وأن مما يجب التنبيه عليه هنا من الأمور الخطيرة التي تندر بشر عظيم للبشرية كافة ألا وهو محاولة اقصاء ومحو بعض المصطلحات الإسلامية الشرعية التي وردت في كتاب الله عز وجل من نحو الجهاد في سبيل الله والولاء والبراء ونحو ذلك من المصطلحات فإن هناك من الدول والأفراد من طالب بمحو ذلك من التعليم والحياة العامة ويواصلون الضغط في هذا الجانب بحجة مكافحة الإرهاب ونشر التسامح قال الشيخ وإن هذا الأمر هو السبب الأعظم في نشر الإرهاب المقيت لماذا لعدة أمور أولاً : إن هذا تدخل سافر في شريعة أنزلها رب العالمين ورضيها وأمر بها وهذا التدخل من أعظم أنواع الإرهاب الفكري والعقدي ثانياً :أن هذه المصطلحات الشرعية مهما بذلت الجهود في نحوها فإنها ستبقى لسبب يعرفه المسلم والكافر ألا وهو أن هذا الدين وهذا القرآن مما تكفل الله بحفظه وبقائ {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} انتهى كلامه حفظه الله فلا إله إلا الله لا إله إلا الله كم يجني على المجتمعات المسلمة وعلى الأمة المحمدية من ينادي بمحو هذه المصطلحات الإسلامية أو بإزالتها من كتب التعليم ومناهج الدراسة أيريدون أن يتولاها غير مناهجنا لتدرس على غير حق ولا دليل أيريدون أن يقصوها من التعليم الخاضع لآراء علمائنا وأئمتنا ليتولى تعليمها شبكات الانترنت وفتاوى القنوات المسيسة وآراء الرجال سبحانك يا ربنا سبحانك هذا بهتان عظيم فاللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام اللهم من سعى لنشر الفساد والإفساد وطمس الحقائق الدينية والدعوية اللهم فاخرس لسانه إن تكلم وشل يده إن كتب واكفنا يا رب شر الأشرار وكيد الفجار. الحقيقة الخامسة: الدماء المحرمة في دين الإسلام أربعة فاحفظوها يا أخوة الإيمان دم المسلم ودم الذمي ودم المعاهد، ودم المستأمن ودم المسلم ودم الكافر الذمي ودم الكافر المعاهد ودم المستأمن احفظوها جيداً علموها أولادكم واحبابكم فإنها إذا علمت وضبطت سدت باباً من الشر عظيماً واحكمت سبل الغواية وطرق الافساد والاعتداء.