أكد رئيس المحكمة الإدارية إبراهيم بن شائع الحقيل أن مستشاري الإدارات القانونية الذين يمثلون جهات الإدارة أمام القضاء هم أحد أجنحة العدالة الرائدة الذين لا يمكن الاستغناء عنهم أو عن أدوارهم التي تعلو بهم إلى أن يكونوا قضاةً داخل جهاتهم. وتطرق الحقيل خلال فعاليات الملتقى الأول للإدارات القانونية في الجامعات السعودية والذي نظمته جامعة طيبة في المدينةالمنورة أمس (الأربعاء) عن علاقة المحاكم الإدارية بالإدارات القانونية، معتبراً أنها تمثّل أحد العناصر الرئيسة في الهيكل التنظيمي للجهات الإدارية عموماً، مضيفاً أن السعودية تشهد حراكاً نظامياً غير مسبوق، وارتفاعاً متصاعداً في معدلات الوعي القانوني، ما يستدعي الالتفات إلى هذه الإدارات تطويراً وتحديثاً. وقال: «الرأي والاستشارة القانونية تمثلان خطوة أساسية للتصرف الإداري السليم، الذي يجنب الجهة الإدارية الصعوبات التي تنشأ بعد تنفيذ التصرف وظهور آثاره على أرض الواقع، وحينها تبذل الجهة الإدارية الجهود وتهدر الوقت والمال في سبيل تصحيح وتعديل القرار والتخفيف من آثاره السلبية، لذا فإن الاهتمام بالإدارات القانونية والحرص على جودة العمل فيها هو علاجٌ وقائي للتقليل من الآثار السلبية التي يمكن أن تنجم عن أي تصرف تجريه الجهة الإدارية سواء كان إدارياً أو عقداً أو تصرفاً واقعياً أو غير ذلك». ولفت إلى أن في القضاء الإداري تمثل جهة الإدارة بممثلها القانوني طرفاً ثابتاً في الدعاوى الإدارية، مطالباً بالبناء والتأهيل الجيد لهذا الممثل القانوني، لتسهيل عملية الترافع. وقال الحقيل «إن ديوان المظالم ينظر إلى مثل هذه الاجتماعات واللقاءات بأنها تصب في الجانب الإيجابي، خصوصاً أنها تقام في الجامعات وبينها، إذ يتوافر فيها الكثير من الكوادر العلمية والقانونية المؤهلة، والتي لن يقتصر أثرها على الإدارات القانونية في الجامعات بل يمتد إلى الإدارات القانونية كافة في الأجهزة الإدارية المختلفة، لهذا كان التأهيل والتكوين من مهمات الإدارات القانونية في الجامعات، والآمال معقودة عليها أكثر من غيرها للقيام بدور فاعل في الإسهام في حماية تصرفات جهة الإدارة من الوقوع في أي مخالفة، وفي إصلاح تلك الأخطاء من تلقاء نفسها، ويمتد ذلك إلى الدفاع بشكل مهني سليم عن موقف جهة الإدارة أمام القضاء». وقدّم رئيس المحكمة الإدارية مشروعاً علمياً لتنظيم الإدارات القانونية في الجامعات وتوحيدها، ويبين اختصاصاتها، ومهامها على نحوٍ دقيق، موضحاً أسس ومبادئ ذلك التنظيم على ضوء التجارب الدولية، مبيناً الأسس التي ينبغي أن يبنى عليها ذلك التنظيم، ومن ضمنها ضرورة التزام كل جهة إدارية بإنشاء إدارة قانونية فيها، وتحديد اختصاصات الإدارة القانونية. ومن ضمن مبادئ التنظيم أن تتوافر رقابة فنية على عمل الإدارات القانونية، وإيجاد ضمانات للموظفين الفنيين في ما يخص النقل أو العزل والتأديب ونحو ذلك، والعناية بجوانب التأهيل والتدريب المستمر للمستشارين في هذه الإدارات، وتوفير المرجعية العلمية والنظامية في الإدارات القانونية بما في ذلك المبادئ القضائية وتحديثها باستمرار، وعقد الورش والاجتماعات التشاورية بين منسوبي هذه الإدارات بمشاركة الجهات القضائية، والعناية بالحصيلة التراكمية لخبرة مستشاري هذه الإدارات، ومحاولة نقلها من جيل إلى آخر. وأبان الحقيل اختصاصات الإدارات القانونية المقترحة والمتمثلة في تولي الترافع أمام المحاكم، والإشراف على تنفيذ الأحكام، وذلك بإعداد مشاريع القرارات الإدارية اللازمة لتنفيذ الأحكام، ومتابعة ما تنتهي إليه المحاكم من مبادئ قضائية في أحكامها، ما يقلل من رفع الدعاوي على الجهة الإدارية ويجعل تصرفاتها داخل دائرة المشروعية، إضافةً إلى الإشراف على تنفيذ الأحكام، والنظر في الشكاوى وإجراء التحقيقات، وإعداد مشاريع العقود، ومشاريع اللوائح الخاصة بجهة الإدارة. وأكد الحقيل أنه يجب أن يكون للإدارة القانونية قدر من الاستقلال، مرجعاً ذلك لكون العمل القانوني بطبيعته يتطلب قدراً من الاستقلال حتى يكون الرأي موضوعياً، وبالتالي تقتصر سلطة رئيس الجهة على المتابعة والإشراف العام، من دون أن يكون له حق التدخل في الرأي الفني، وأن ذلك الاستقلال والمهنية في العمل خاضعان للرقابة وفق قواعد تنظيمية تحدد ذلك.