في هذا الزمن الذي يصعب فيه تكوين الصداقات ويتأنى الناس فيه كثيرا قبل إطلاق صفه الصديق على بعضهم بعضا، كان الزميل طلعت وفا صديقي منذ أن عرفته لأول مرة قبل أكثر من عشر سنوات. غير أنني اكتشفت فيما بعد بان الفقيد كان سخياً في منحه لصداقته، وأنني لم أكن إلا رقما في طابور طويل أسرهم رحمه الله بدماثته وابتسامته الدائمة وحرصه الذي لا حد له على الإنصات أكثر بكثير من الحديث. حالته النفسية والمعنوية كانت دائما في أوجها حتى في أحلك ساعات تعبه. والمرض الذي استطاع النيل من جسده لم يتمكن أبدا من النيل من حبه للعمل ومن نظرته المتفائلة دوما لمجريات الأمور. رحمك الله يا أبا تالا فلن تفقدك أسرتك فقط، بل سيفتقدك جميع من تشرف بالتعرف عليك. @@@@ الأرقام حينما تتحدث تؤكد الأرقام الصادرة في التقرير السنوي للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية حقيقتين معروفتين للمهتمين بقضايا السعودة والعمل في القطاع الخاص. الحقيقة الأولى: إن متوسط أجور السعوديين في القطاع الخاص هي أعلى من متوسط الأجور في القطاع العام. حيث بلغ متوسط أجور السعوديين في القطاع الخاص 5187ريالا فيما بلغ المعدل في القطاع العام 4796ريالا. أما الحقيقة الأخرى فهي: إن متوسط أجور المقيمين في القطاع العام أعلى من متوسط أجور المقيمين في القطاع الخاص. حيث بلغ متوسط أجور المقيمين في القطاع العام 2931ريالا فيما بلغ المعدل في القطاع الخاص 1436ريالا فقط. بعبارة أخرى فان المؤسسة العامة للتأمينات تثبت وبالأرقام بان القطاع الخاص يمنح السعوديين معدل رواتب أفضل من القطاع الحكومي. قد تبدو هذه الأرقام مفاجئة للبعض الذين وقعوا تحت تأثير الدعاية المضللة بان القطاع الخاص لا يقوم بتوظيف السعوديين إلا برواتب متدنية ويسعى بكل جهده لتطفيشهم عندما يجبره النظام على توظيفهم .. الأرقام تروي قصة مختلفة ؛ فالقطاع الخاص وفقا لهذه الأرقام يمنح وبسخاء من يرى إن بإمكانهم رفع ربحية المنشأة التي يعملون فيها، وهو"أي القطاع الخاص" ليس لديه مواقف مسبقة من السعودة والسعوديين تجعله لا يميل إلى توظيفهم. على العكس، فالقطاع الخاص تحمل عبء سوء مخرجات التعليم والتدريب وضعف قيم العمل ودفع ضريبة البيروقراطية وانعدام الحماية في تسرب موظفيه بعد تدريبهم.