ظل معدل البطالة بين المواطنين محل اختلاف في التقديرات بين جهات مختلفة خلال السنوات الأخيرة، فمع الاتفاق على وجود المشكلة اختلفت الآراء حول حجمها الحقيقي بين التقليل والمبالغة. سبعة ملايين أجنبي ويضاف إليهم أعداد مهولة كل عام، وتبقى الفرصة موصدة أمام طالب العمل السعودي قليل الخبرة والكفاءة، وهناك من يقول إن مخرجات التعليم هي السبب، وأنا أقول إنها أعذار واهية؛ لأن 40 في المئة من العمالة الأجنبية لا يجيدون القراءة والكتابة، و60 في المئة لا يحملون الشهادة الثانوية العامة. إن التعليم والكفاءة لا يمكن أن يتحملا مسؤولية البطالة؛ فشركة أرامكو السعودية وظفت الأميين وحولتهم مع مرور الوقت إلى مهندسين، ومحاسبين، وفنيين، وإداريين، والسوق السعودية تعد أكبر جامعة مفتوحة للجميع في العالم؛ لأنها تستوعب (أمي) العمالة الأجنبية، وتدربهم وتدفع لهم أجورهم، ثم تخرجهم إلى الأسواق العالمية، ولكنها لا تستطيع أن تقبل المتعلمين السعوديين بحجة عدم امتلاكهم الخبرة والكفاءة. وفي عام 1994 صدر قرار مجلس الوزراء رقم (50) المتضمن إلزام القطاع الخاص بتخصيص 5 في المئة سنويا بين وظائفها للسعوديين، وذلك بغية الوصول إلى نسبة سعودة لا تقل عن النصف عام 1431ه، إلا أن نسبة السعودة في القطاع الخاص لم تتجاوز 15 في المئة. وأظهر تقرير وزارة الخدمة المدنية وجود 145 ألف وظيفة بالقطاع الحكومي، و(62) ألف وظيفة بالخاص مشغولة بغير السعوديين، ويبلغ متوسط رواتب القطاع الخاص حسب تقرير مؤسسة النقد العربي السعودي (1354) ريالا، مقابل أجور القطاع الحكومي التي يبلغ متوسط أقلها (2530) ريالا. وهناك مشكلة عميقة تتعلق بانخراط المواطنين في العمل بالقطاع الخاص؛ فهناك توسع وتنوع في فرص العمل المتاحة به؛ لذلك تبرز الحاجة إلى إجراء دراسة شاملة وعاجلة ومفصلة حول أسباب النسب المتدنية من المواطنين العاملين في القطاع الخاص، كما أننا بحاجة إلى هيئة عليا للتوظيف، تشمل القطاعين العام والخاص، يكون مرجعها المقام السامي ووزارة المالية، وتعمل على مدار الساعة لتكتشف التجاوزات وتعيد هيكلة الوظائف.