تعكف ست شركات تابعة للخدمات المالية المحلية على دراسة الاندماج وبشكلٍ سري، في حين أن بعض الشركات تفكر جدياً بالتصفية والخروج من السوق السعودي، لأن قيمة رؤوس الأموال المستثمرة في السوق المالي ضخمة، وهذا ما يبرر وجودها في ظل حجم السوق الحالي. وقال ل"الرياض" المحلل المالي محمد العمران، إن عدد الشركات المرخص لها أكبر من إمكانيات السوق وهي، أكثر من 100 شركة في السوق المحلي، معتبرا أن أمام شركات الخدمات المالية خيارات صعبة، إما القبول بالوضع الحالي، وبالتالي عليها تحمّل مزيد من تآكل الرساميل، خاصةً إذا لم يكن هناك مبرر لبقائها مستقبلاً داخل نطاق السوق، أو تقبل بالأمر الواقع. وأوضح المحلل المالي أن نصف شركات الخدمات المالية المحلية لا تمتلك حالياً استراتيجية واضحة المعالم بالاستثمار المالي، لافتا إلى أن زيادة عدد موظفيها سبب عبئا إضافياً عليها، مؤكدا أن عملية التصحيح في عدد الشركات ونشاطاتها يُعدُّ طبيعياً في ظل الوضع الراهن، وهذا ما يحدث مماثلاً في الأسواق المتقدمة. ولكن، توقع العمران أن الشركات المالية التي تنوي الدمج ستواجه عدة عراقيل مثل: تحمّل المصاريف المزدوجة بين الشركتين من برامج تقنية وغيرها، ملمحا في الوقت ذاته إلى أن ذلك حدث مع شركتين كانتا ترغبان الاندماج، وحال بينهما بعض المصروفات المالية المدفوعة مسبقاً. وبيّن المحلل المالي أن فلسفة الاندماج تقوم على أن يكون هناك قيمة مضافة للطرفين بدلاً من أن يتكبد إحداهما خسائر طائلة دون الأخرى، ما يدل في الوقت الحالي على صعوبة الوضع الذي تمر فيه بعض شركات الخدمات المالية السعودية. كما توقع العمران أن ينسحب الأمر على شركات التأمين خلال العام الجاري، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن بعض البنوك التجارية في الفترة الحالية تنوي بتقليص عدد فروعها، خاصةً أن التقنية ساهمت بشكل كبير بتلبية احتياجات العملاء بدلاً من التعاملات الورقية في الفروع البنكية. إلى ذلك، سحبت هيئة سوق المال السعودية خلال العامين الماضيين، ثلاث رخص مالية، وهي : شركة فرصة للاستثمار في شهر أغسطس 2007، وتلاها في شهر اكتوبر 2007 مكتب محمد الشميمري للاستشارات المالية، وآخرها شركة خبراء البورصة للخدمات المالية في فبراير 2008. ويرى مراقبون اقتصاديون، أن قرار هيئة سوق المال بسحب الترخيص يسهم وبشكل فعال في تعزيز الثقة بالسوق والتأكيد على أن البقاء في قطاع الخدمات المالية لا يتم إلا للأفضل من الشركات الملتزمة بتطبيق الأنظمة والجادة في مزاولة النشاط والمحافظة على حقوق المستثمرين في السوق والمتعاملين معها. وأضافوا أن سحب الرخصة يعود لعدم تمكن الشركة المشطوبة من الوفاء بشروط الرخصة التي تلزمها بدء العمل في السوق بعد 12 شهرا من الحصول على الترخيص، وكذلك عزم الهيئة كشف الشركات غير الجادة في مزاولة النشاط بحيث لا يسمح لها بتفويت فرص هذه التراخيص على المستثمرين الجادين, بالإضافة أن الخطوة إيجابية وفي صالح الكوادر البشرية المؤهلة في القطاع والتي تشكل ندرة في استقطابها في ظل التنافس الحالي بين البنوك وشركات الخدمات المالية على هذه الخبرات البشرية. ووصف اقتصاديون أن حال شركات الوساطة التي تم الترخيص لنحو 106 شركات في مجال الخدمات المالية ليست واضحة للجميع حيث إن معظمها يخطو خطوات متأنية قد تصل إلى التوقف أحيانا لمزاولة النشاط ويعود السبب في ذلك إلى نية بعض المستثمرين في الحصول على الرخصة ومن ثم عرضها للبيع والاستفادة من المكاسب العالية جراء تنازلهم عن حصة الملكية، والبعض الآخر أخذها من باب فرصة جيدة للاستثمار السريع ومن ثم التحول لفرصة أخرى من غير دراسة ومعرفة بالتحديات التي تواجه هذا القطاع. وكانت هيئة السوق المالية اتخذت إستراتيجية لفتح باب الفرص الاستثمارية للشركات والمستثمرين في تقديم الخدمات المالية المتعلقة بالأسواق المالية من أنشطة التعامل في الأوراق المالية وإدارة الأصول، وإطلاق قنوات استثمارية مختلفة مثل: الصناديق الاستثمارية وأنشطة الترتيب والاستشارة، حيث تهدف من ذلك إلى قيادة دفة السوق إلى مسار الاستثمار المؤسسي المنظم بعد أن حققت السوق أعلى نسبة تداول من قبل الأفراد التي قدرتها بعض المصادر بأنها بلغت نسبة عالية وصلت إلى 98 في المائة من كمية التداولات اليومية.