روى لي أحد الأصدقاء وهو مصدر ثقة ما حصل له من موقف في مدينة الرياض يؤكد تغير العادات في المجتمع المدني وبشكل كبير خلاف ما تعود عليه الجيل السابق وهم كبار السن في وقتنا الحالي يقول: تعرض والدي لوعكة صحية وهو بجوار إبله في الصحراء الواقعة في عالية نجد وأنا أعمل موظفاً في مدينة الرياض وعندما وصلني خبر مرضه انتقلت إلى موقعه وقمت بنقله إلى أحد مستشفيات الرياض حيث تماثل للشفاء وطلب منه الأطباء التواجد في الرياض للمراجعة عن قرب وأثناء وجوده عندي طلب مني احضار معاميل القهوة وما تحتاجه لإعدادها بالطريقة التي تعود عليها في الصحراء بما في ذلك النجر ووجار النار. وكنت أسكن بالدور الثاني وكان والدي عندما يصلي الفجر يوقد ناره ويقوم بإعداد قهوته ويدق النجر لطحن القهوة والهيل وبعد ثلاثة أيام قابلني أحد الجيران وشكا لي من ازعاج صوت الطرق على سقف غرفة نومه وهو لا يعلم أنه من نجر الوالد وأخبرته بأن والدي متواجد لدى ويفضل إعداد قهوته بالطريقة القديمة وتقبل الموضوع مقابل الصبر عدة أيام وفوجئت بعد أسبوع بتقدم جيران العمارة بشكوى ضدي لازعاجهم بصوت النجر وطرقه على السقف في وقت مبكر. عندها أخبرت والدي بما حصل وكان رده صمت رهيب مع نظرة متواصلة أرجعته إلى زمان مضى عندما كان صوت النجر يطرب الجيران ويدعوهم للاجتماع بعدها طلب مني والدي ان أذهب به عند إبله في الصحراء وابعاده عن هذا المجتمع الذي لا يصلح له وقام بترديد هذه القصيدة وهو في الطريق إلى موقع إبله وكان تأثير ذلك قوياً علي بقدر تغير وغرابة هذا المجتمع على كبار السن وما تعودوا عليه وكان خلال رحلة العودة إلى الصحراء وموقع الابل يردد قصيدة تركي بن حميد التي يقول فيها: ياما حلا يا عبيد في وقت الأسفار جذب الفراش وشب ضو المنارة مع دلةٍ تجذا على واهج النار ونجر إلى حرك تزايد عباره النجر دق وجاوبه كل مرار مالفه الملفوف من دون جاره وكان والدي ضحك عندما يتذكر الشكوى المقدمة من الجيران معارضة على صوت النجر.