هناك طريقتان للفوز على عدوك: الأولى أن تكون أكثر منه قوة وعتاداً.. والثانية: أن تفاجئه بخطة عبقرية وغير مسبوقة!! والعجيب أن الطريقة الثانية أكثر فعالية وتحقيقاً للنجاح رغم انها أفقر عتاداً وأقل كلفه. ومن خلال قراءاتي لأعظم المعارك في التاريخ تجمعت لدى قصص كثيرة عن خطط حربية حققت نتائج خارقة - ليس بسبب كثرة العتاد أو الرجال - بل بسبب اسبقية الفكرة وجراءة التنفيذ.. فعلى سبيل المثال: @ حين قرر الملك عبدالعزيز فتح الرياض لم يكن يملك من الرجال والعتاد ما يتيح له الدخول إلى المدينة وهزيمة عجلان بن محمد. وفي وضع كهذا كان لا بد من اللجوء إلى خطهة ذكية وغير مسبوقة (جميعنا يعرف تفاصيلها) اعتمدت على مباغتة ابن عجلان والاستيلاء على قلب الإمارة الوهابية (كما ورد) بطريقة تدل على عبقرية وحذق مدهش". أما المثال الثاني فقصة فتح القسطنطينية على يد محمد الفاتح عام . 1453.فالقسطنطينية مدينة محصنة بطبيعتها فشلت جيوش إسلامية سابقة في فتحها بالوسائل العسكرية المعتادة.. غير أن سقوط المدينة على يد محمد الفاتح جاء نتيجة خطة عبقرية وقرار جريء اعتمد على نقل السفن الحربية (عن طريق البر) إلى الجانب الآخر من البحر الأقل تحصيناً ففاجأ الأعداء واستولى على المدينة. @ وفي حرب 73لم يخترق الجيش المصري خط بارليف الإسرائيلي بالقنابل أو الصواريخ أو المدرعات بل بخراطيم المياه الزراعية.. فهذا الخط الدفاعي كان عبارة عن ساتر ترابي بالغ الضخامة والطول شيدت فوقه نقاط محصنة قادرة على صد أي هجوم تقليدي.. وكان المصريون بدورهم يدركون هذه الحقيقة فاقترح أحد الضباط تدمير الحاجر الترابي برشاشات مياه ألمانية ضخمة سُلطت في وقت واحد على "الخط الذي لا يقهر" وفتحت فيه ثغرات تسلل منها الجنود والمدرعات. @ أما القصة الرابعة فعن خدعة الاقتحام المشهورة بواسطة "حصان طروادة".. وطراودة مدينة غنية تقع على بحر إيجة (في تركيا) حاصرها الإغريق بعد أن خطف ملكها بريس الحسناء هيلين (زوجة شقيق الملك أجاممنون).. وبعد عشر سنوات من الحصار أمر القائد اليوناني الجديد بصنع حصان خشبي مجوف أخفى داخله مجموعة من الجنود الشجعان. وبعد أن تصنع الجيش الإغريقي الانسحاب خرج السكان وادخلوا الحصان إلى مدينتهم كغنيمة فخرج منه الجنود وفتحوا الأبواب لجيشهم الذي عاد بسرعة واستولى على المدينة. @ وفي الحقيقة؛ هناك أمثلة كثيرة يصعب حصرها في هذه المساحة ولكن لنتذكر بسرعة القائد المسلم سعد بن أبي وقاص وفكرته بتسديد السهام على أعين الفيلة في معركة القادسية؛ والقائد القرطاجي هانيبال الذي فاجأ روما من الخلف (بنزوله من جبال الألب)؛ وهتلر اذي التف بجيوشه حول خط ماجينو الفرنسي ودخل فرنسا عبر بلجيكا.. وأخيراً جيوش الحلفاء التي فاجأت الألمان بإنزال قواتهم على ساحل النورماندي الصخري (آخر مكان يتوقع هتلر أن يتم الهجوم منه)!! .. والآلآلآن أيها الجندي المجهول: هناك احتمال ضعيف (جد جداً) بأن تصبح قائداً عسكرياً عظيماً؛ ولكن هذا لا يمنع استعانتك بالنماذج السابقة لتحقيق انتصاراتك الشخصية في الحياة.. وفي حال آمنت بهذه الحقيقة ستكتشف أن (الجراءة والإبداع وعنصر المفاجأة) ليست فقط طريقة سريعة ومضمونة لتحقيق الانتصار، بل وتفعل ذلك بأقل جهد وكلفة ممكنة!!