عقدت أمس بمقر الجامعة العربية بالقاهرة أعمال الاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية رئيس الدورة الحالية للمجلس وبمشاركة وزراء خارجية الدول العربية الأعضاء لبلورة واتخاذ موقف عربي موحد من العدوان العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة وتداعياته الخطيرة وكيفية تقديم المساعدات العربية للشعب الفلسطيني. ويناقش الوزراء المقترح المقدم من دولة قطر وسوريا لعقد قمة عربية طارئة لبحث العدوان الإسرائيلي على غزة في ضوء عدم اكتمال النصاب القانوني وكيفية اتخاذ إجراءات عربية محددة لوقف العدوان الإسرائيلي ثم خطة لتقديم المساعدات الإنسانية والإغاثة وتحقيق وحدة الصف الفلسطيني وتحقيق التهدئة وخلق المناخ الملائم لها. وألقى صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية رئيس الاجتماع الحالي كلمة أكد فيها أن ما يجري في قطاع غزة لا يمكن وصفه إلا بأنه مذبحة وجريمة إنسانية لا ينتظر منها سوى المزيد من العنف والمزيد من التطرف والابتعاد عن هدف السلام والأمن الذي تزعم إسرائيل أنها تسعى إليه وتعمل على تحقيقه. وقال سمو وزير الخارجية رئيس الاجتماع في كلمته أن الاجتماع ينعقد وقلوبنا يعتصرها الألم إزاء ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في غزة من آثار عدوان شرس لا يعرف هوادة ولا ليناً تشنه إسرائيل على هذا الجزء الغالي من وطننا العربي سقط من جرائه مئات القتلى وأكثر من ألف جريح ونشر الخراب والدمار على الأرض وبث الرعب في نفوس المدنيين الأبرياء من أطفال ونساء في حمام دم ينزف ولانعرف ماذا ينتهي إليه ولا يمكن تبريره بأي شكل من الأشكال. وأضاف صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل قائلا ان ما يجري في قطاع غزةالفلسطيني لا يمكن وصفه إلا بأنه مذبحة وجريمة إنسانية لا ينتظر منها سوى المزيد من العنف والمزيد من التطرف والابتعاد عن هدف السلام والأمن الذي تزعم إسرائيل أنها تسعى إليه وتعمل على تحقيقه. وتساءل سموه بالقول أي سلام وأي أمن يمكن أن تحققه حملة مسعورة بآلة عسكرية لا يمكن لها إلا أن تزرع الموت وتنشر الدمار وتعزز القناعة بحقيقة النوايا العدوانية لجيش الدفاع الإسرائيلي الذي لا يعرف من الدفاع سوى اختلاق الذرائع والحجج للإمعان في إذلال الشعب الفلسطيني بأسلوب الحصار مرة أو بإيقاع أشد أساليب القتل والتدمير ضد المدنيين مرة أخرى فيما يبدو أنه محاولة مكشوفة لإزالة كل إمكانية أو فرصة لإقامة سلام حقيقي تتوفر فيه وبسببه مقومات الأمن الذي تزعم إسرائيل أنها تسعى إليه. وأكد سمو رئيس الدورة الحالية لمجلس الجامعة العربية في كلمته ان مسؤولية هذا الوضع الخطير الناشئ عن العدوان الإسرائيلي الذي مازال يعصف بالأرواح الفلسطينية ويدمر كل مقومات الحياة في غزة يقع على نهج السياسة الإسرائيلية في التعامل مع الوضع الفلسطيني، مشيراً سموه إلى أن أمن إسرائيل لا يتحقق إلا بقيام السلام العادل الذي يستجيب للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وهي الحقوق التي أقرتها واعترفت بها قرارات الشرعية الدولية وأكدتها اتفاقيات جنيف وتضمنتها جميع المواثيق والمبادرات المطروحة لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني. وشدد سمو الأمير سعود الفيصل على أن هذا الوضع المتأزم والخطير بكل ما ينطوي عليه من أبعاد دولية وتداخلات إقليمية يستدعي من مجلس وزراء الخارجية العرب تبني خطوات جادة وفاعلة تضع حدا فورياً لهذا العدوان الإسرائيلي السافر وتوقف نزيف الدم الفلسطيني، مشيراً سموه إلى أنه يتعين في هذا الصدد التركيز على إجراءات عملية لتحرك عربي ودولي أياً كان المستوى الذي يمكن الاتفاق عليه ويحقق الأهداف المأمولة منه والبعد عن لغة الشعارات والمزايدات التي لا تسمن ولا تغني من جوع. ومضى سموه إلى القول "أنه لا خير فينا إذا لمن نقلها ولا خير في الأشقاء الفلسطينيين إذا لم يسمعوها إن هذه المجزرة الرهيبة ماكانت لتقع لو كان الشعب الفلسطيني يقف موحداً خلف قيادة واحدة ينطلق من منطلق واحد وينطق بصوت واحد ونقول للأشقاء الفلسطينيين ان أمتكم العربية لا تستطيع أن تمد لكم يد العون الحقيقي إذا لم يمد الواحد منكم يد المحبة للآخر ونقول لهم إن أمتكم العربية لا يهمها توزيع التهم أو اللوم على هذا الجانب أو ذاك ولكن يهمها أن ينتهي كابوس الفرقة المرعب ونقول لهم تذكروا قول الله تعالى (وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم). وأكد سمو رئيس الدورة الحالية لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية مجدداً على انه قد آن الأوان لانعقاد الفصائل الفلسطينية كافة في اجتماع حاسم تنبثق منه حكومة وطنية واحدة تمثل الشعب الفلسطيني بأكمله، مشيراً إلى ان التنظيمات زائلة والشعارات لا تدوم ولكن الشعب الفلسطيني العظيم كان في فلسطين منذ فجر التاريخ وسيبقى فيه حتى غروبه. وقال سموه إن هذا التاريخ الطويل لن يغفر لأحد كائناً من كان وكائنة ما كانت أهدافه وشعاراته إذا رضي بالفرقة القائمة أو ساعد على إبقائها، مشدداً سموه على ان بقاء الانقسام سيقدم للعدو الإسرائيلي انتصاراً بعد انتصار وسيمنع الأمة العربية من الحركة الفعالة لنجدة شعب فلسطين. واختتم صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية رئيس الاجتماع الاستثنائي لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية كلمته بالدعاء إلى الله جلت قدرته أن يجمع قلوب الأشقاء الفلسطينيين على الوحدة وأن يجمع قلوب العرب على الكلمة الواحدة وبهذا وحده يتحقق الحلم الفلسطيني في الاستقلال والحرية والكرامة وما ذلك على الله بعزيز. وفي هذا الصدد، أكد الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى على ضرورة أن ينصب العمل العربي في الوقت الحالي على الوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، مطالبا مجلس الأمن الدولي بألا يخضع لضغوط أية قوة وألا يكرر مأساة حرب لبنان عند ضغط على المجلس لئلا يتحرك حتى تحقق اسرائيل أهدافها وتدمر كل ما أرادت تدميره. وتساءل موسى إلى متى ينتظر مجلس الأمن الدولي وما هو الرقم السحري الذي يتحرك عنده المجلس خاصة وأن عدد الشهداء إلى نحو 400شهيد وأكثر من 1700جريح؟!!، مطالبا بعقد اجتماع فوري لمجلس الأمن للتعامل مع الوضع الخطير في غزة وإصدار قرار لوقف العدوان "وليكن ما يكون". واعتبر موسى، في كلمته أمام الاجتماع الطارئ لمجلس وزراء الخارجية العرب الذي عقد أمس "الأربعاء" برئاسة وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، أن استخدام الفيتو على عقد مجلس الأمن أو الفيتو ضد قراره في هذا الشأن يستوجب انعقاد أعلى المجالس العربية "في إشارة إلى القمة العربية". ودعا موسى الرئيس الفلسطيني محمود عباس "ابومازن" كرئيس لكل الفلسطينيين أن يقوم بتحرك فوري وقوى من أجل وقف العدوان والتوجه إلى مجلس الأمن الدولي وعرض القضية والمطالبة بالتصميم على وقف العدوان على شعب فلسطين أينما كان، مؤكدا أن العرب سيقفون وراءه وسيعملون على تحقيق هدفنا المشترك بوقف العدوان. وناشد موسى الرئيس أبو مازن باتخاذ كل ما من شأنه انهاء الانفصام وإبقاء الفلسطينيين منقسمين، مشيرا إلى أن مائدة الحوار لا تزال قائمة في القاهرة ويجب أن يعود إليها الفلسطينيون بضمير وطني وأن يدركوا التكاليف الباهظة عليهم جميعا. ودعا موسى جميع الأطراف الفلسطينية أن يبدأوا فورا في اتخاذ اجراءات لإعادة الثقة فيما بينهم والتحرك نحو وحدة الصف أولا وقبل كل شيء، مطالبا القادة الفلسطينيين من جميع المشارب والاتجاهات أن يرتفعوا فوق مستوى الأحداث ويشكلوا صفا واحدا أمام عدوهم يقاومون أو يتفاوضون من منطلق قوة الوحدة. ودعا الأمين العام للجامعة العربية المجتمع الدولي إلى أن يتحرك ويدفع بقوة نحو تطبيق القانون الدولي الإنساني، مطالبا سويسرا بالدعوة إلى اجتماع الدول الموقعة على اتفاقيات جنيف الرابعة باعتبارها الدولة الوديعة للاتفاقيات للعمل على تطبيق بنود الاتفاقية الخاصة بحماية المدنيين ضد الحرب والواقعين تحت الاحتلال العسكري. وقال موسى: إن استخدام اسرائيل للقوة الغاشمة مقصود به إعادة الانطباع بأن لإسرائيل جيش لا يقهر وهو انطباع راح زمنه ولن يعود لأن أهداف هذا الجيش في معظمها مدنية، "أما إذا جوبه بجيوش عربية قوية أو بمقاومة جدية كان التراجع وكانت الهزيمة".