أيام ولحظات حزينة في حياتي وحياة اخواني وأخواتي وأبنائنا وكل أسرة (الدويس) مرّت علينا ثقيلة ونحن نتابع حالة والدي العزيز (محمد بن عبدالرحمن الدويس) الذي داهمه المرض فنغّص عليه وعلينا متعة الحياة، لاسيما أيام عيد الأضحى المبارك حيث عشنا وعاش معنا كل محبيه وأقاربه في قلق وحزن وتوجّس من معاناته، وهو الإنسان الصبور المحتسب، يأنس بحضورنا ويكاد ينسى معاناته وآلام المرض والمعاناة لكي يخفف عنا حرقة الألم والشكوى، ونحاول أن نحصل من الأطباء على ما يطمئننا ولكنها قدرة الله جل وعلا الذي عشنا في ظل رحمته ورجائه مستسلمين للقضاء والقدر منه سبحانه، ولا ردّ لقضائه، وعندما اشتدت معاناته مع الألم وسكرات الموت كنت وشقيقي عبدالرحمن واخواني ملازمين له في المستشفى ليلة الاثنين، وفي صباح الاثنين الموافق 1429/12/24ه أسلمت روحه إلى بارئها، توفي والدنا الحبيب تغمده الله برحمته وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة، لقد كان رحيل والدي صعباً مؤلماً لما يتمتع به من حضور وجداني أثير ولما يتمتع به من سيرة حسنة وأخلاق فاضلة رفيعة تجبر كل أبنائه ومحبيه ومعارفه على تقديره واحترامه، فقد كان محباً للناس حريصاً على المبادرة إلى فعل الخير وصلة الرحم والسؤال عن الكبير والصغير، كان مجبولاً على حبّ الخير بسماحة وطيب خاطر، ومما تميز به شخصيته لدى كل من يعرفه حسن السمت والإصغاء إلى من يتحدث إليه وعدم مقاطعته، والوفاء للأصدقاء الحاضرين والغائبين، لا يحب الحديث في الغائب، ويحرص على التواصل حتى من يجفو وينسى، وقد وجدنا آثار ذلك الحب والاحترام حين الصلاة عليه في جامع الملك خالد وعند وداعه ودفنه - رحمه الله - تمثل ذلك في حضور الكثيرين من الأحبة والمعارف، وكثير لا نعرفهم حضروا لتشييع جنازته جزاهم الله عنا خير الجزاء على مواساتهم ووقوفهم معنا في هذه اللحظات الحزينة التي تتجسد فيها مشاعر المحبة والإخاء، المحبة في الله سبحانه الذي ألف بين قلوب عباده بسبب حسن المعاملة والخلق الفاضل، والتراحم بينهم لتكون شهادة حق وصدق فوق الثرى وتحت الثرى، تحث على ذكر الأخيار واستمرار الدعاء لهم وذكر محاسنهم، وقد قال الشاعر: ذكر الفتى عمره الثاني، وحاجته ما قاته، وفضول العيش إشغال وفي هذه اللحظات الحزينة المؤثرة التي اتلقى فيها أنا واخواني وأقاربي العزاء في والدنا الغالي (محمد الدويس) أتذكر والدموع تغرقني قول الشاعر: الناس بالناس مادام الحياة بهم والسعد لاشك نارات وهبات وأفضل الناس ما بين الورى رجل تقضى على يده للناس حاجات لا تمنعن يد المعروف عن أحدٍ ما دمت مقتدراً فالسعد ناراتُ وأشكر فضائل صنع الله إذ جعلت إليك لا لك عند الناس حاجاتُ قد مات قوم وما ماتت مكارمهم وعاش قوم وهم في الناس أمواتُ اسأل الله أن يحسن خاتمتنا ويرحم موتانا ويغفر لوالدينا ولجميع المسلمين. ويحسن ذكرنا وأحبائنا في الدنيا والآخرة. وفي ختام مقالتي هذه لا يسعني إلا أن أشكر كل من تكرم بتعزيتنا ومواساتنا في فقيدنا الوالد العزيز وأخص بالذكر والدنا الفاضل صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض الذي بادر كعادته فاتصل هاتفياً من نيويورك لتعزيتنا ومواساتنا، كما أشكر واخواني جميع أصحاب السمو والفضيلة والأصدقاء الذين تفضلوا بتعزيتنا ومواساتنا مقدرين حضورهم واتصالهم ومواساتهم، جزاهم الله خير الجزاء ورحم والدينا ووالديهم أجمعين. @ في رثاء الشيخ محمد بن عبدالرحمن الدويس