لقد خلق الله تبارك وتعالى الإنسان في أحسن تقويم وأوجد فيه هذه الشهوة والغريزة الجنسية، لكنها عندما لا تهذب بالآداب والتعاليم الربانية تؤدي إلى انحرافات وعواقب وخيمة بسبب الاتصال الجنسي المحرم من الزنا واللواط والمؤدية إلى أمراض جنسية متعددة. ولقد انتشر في عصرنا الحاضر الكثير من الأمراض الجنسية ومن أهمها متلازمة العوز المناعي المكتسب (الإيدز) حتى أصبح وباءً في بعض البلاد وتقدر بعض الإحصائيات أن 80% من حالات الإصابة تحدث في الدول النامية وفي بعض البلاد كانت نسبة انتشاره 1:50، وفي بعض البلاد 1: 40وفي بعض البلاد في أفريقيا وصل إلى 1: 3من البالغين. وقد بينت الإحصائيات أنه في البلاد المنتشر فيها الإيدز فإن 50-90% من العاهرات مصابات بهذا المرض وأن 30% من مراجعي العيادات التناسلية مصابين بالمرض وتبين الإحصائيات في قارة أفريقيا أن 15مليون طفل سيفقد والدته بسبب الإصابة بمرض الإيدز. ولقد عنى الإسلام بهذا الجانب عناية متميزة فلم يكبت هذه الشهوة الجنسية بل هذبها وسخرها في الطرق المشروعة لتصبح عبادة لله تبارك وتعالى فعن أنس رضى الله عنه قال: (جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي فلما اخبروا كأنهم تغالوها وقالوا: أين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. قال أحدهم أما أنا فأصلي الليل أبداً، وقال الآخر : وأنا أصوم الدهر أبداً ولا أفطر، وقال الآخر: وأن اعتزل النساء فلا أتزوج أبداً. فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فقال: أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني) متفق عليه. ولقد اهتم الإسلام بتنشئة المسلم على السلوك السوي والبعد عن مسببات ومثيرات الانحراف فهذا أمر رباني للرجال والنساء بغض البصر وبالحجاب الشرعي للمرأة عبادة لله تعالى وتقرباً إليه قال تعالى (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمورهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت إيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون) النور الآية 30، 31.وهكذا نجد أن تعاليم الإسلام ركزت على جانب الوقاية من الوقوع في الانحرافات السلوكية خلف الشهوات واللذائذ المنتنة العواقب قال تعالى (ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا) الإسراء آية 32فنهى الله تبارك وتعالى عن أن يقرب المسلم كل وسيلة تؤدي إلى الوقوع في الزنى والانحراف سواء كانت مقروءة أو مسموعة أو مرئية حفظاً وصيانةً للمسلم والمسلمة عن الفواحش والرذائل، ومن ذلك تحريم الخلوة بالمرأة إلا مع ذي محرم فعن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم) متفق عليه وكذلك نجد أن الإسلام قد حث على الزواج لما فيه من المصالح الكبيرة للفرد والمجتمع قال تعالى (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله) النور الآية 32، 33.وقال تعالى (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) الروم آية 21.وفي الحديث الشريف (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن الفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء). وهكذا يكون المسلم في سلوكه عابداً لربه تبارك وتعالى مكتسباً الأجر من الله. فعن أبي ذر جندب ابن جنادة رضي الله عنه أن ناساً قالوا يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم. قال: (أ و ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون به. إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، والأمر بالمعروف صدقة، والنهي عن المنكر صدقة وفي بضع أحدكم صدقة قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر) رواه مسلم. ولقد اهتم العلم الطبي الحديث بتقويم هذا السلوك وكيفية الوقاية من الأمراض الجنسية وعلاجها وهذا ما سبق به ديننا الإسلامي الحنيف بتعاليمه الربانية حفظاً ووقايةً وسعادةً للفرد والمجتمع. @ استشاري طب الأسرة وعضو هيئة التدريس كلية الطب-جامعة الملك سعود