عرضت في إحدى القنوات مساء الأحد الماضي محاضرة للشيخ نبيل العوضي تحدث فيها عن المخاطر التي تحيط بالشباب في هذا الزمان. كان الشيخ يتحدث بمرارة عن انتشار العلاقات المحرمة والمعاكسات؛ محذراً من هذه الظاهرة وناصحاً الشباب بعدم الانقياد خلف الإغراءات التي تواجههم. لكن.. المفارقة المؤلمة.. أنه وبينما الشيخ يتحدث وينصح ويحذر.. كان شريط القناة يمتلئ برسائل ال SMS التي بعثها الشباب للفتيات رغبةً في التعارف. وكأن هؤلاء وهم يرسلون رسائلهم لا يعرفون أن الشيخ الذي يتحدث أمامهم إنما يحذر تحديداً مما يفعلونه الآن. هذا الموقف شرح لي ما كان يعنيه الدكتور علي الوردي من عدم فاعلية الأسلوب الوعظي في معالجة المشاكل الاجتماعية. يقول الوردي إن إلقاء النصائح ونثر الوصايا لن يحدث أي تغير في السلوك الخاطئ لذلك فالأفضل أن نبحث عن أساليب واقعية تقتحم صلب الممارسات الاجتماعية الخاطئة وتغيرها من الداخل. هذا في الوعظ إجمالاً لكن ماذا عن الوعظ الفضائي.. هل هو مجدٍ فعلاً؟. أم أنه حشو كلام لملء ساعات البث؟. الوعظ الفضائي لا يقتصر على الوعظ الاجتماعي الذي يقدمه الشيخ نبيل العوضي ، بل يشمل الوعظ السياسي والوعظ النفسي والوعظ الرياضي أيضاً. إنه يشمل كل من يظهر على الفضائيات ويتحدث بالمثاليات ويقدم النصائح في أي موضوع ، مثل الأطباء في البرامج النفسية الذين يرددون على المشاهدين وصفاتهم الجاهزة: يجب أن تفعلوا كذا وأن تقوموا بكذا. وهي مجرد نصائح ومثاليات فارغة لا قيمة لها على أرض الواقع يرددها أيضاً نقاد الرياضة والاقتصاد والفن والسياسة والاجتماع. وهنا أريد أن أسأل: هل تأثر أحدنا من نصائح أخذها من التلفزيون؟. وهل يؤمن الوعاظ على اختلاف أنواعهم بأن نصائحهم مؤثرة فعلاً؟. إنهم سيفقدون إيمانهم حتماً عندما يدركون أن أعين المشاهدين لا تتابعهم.. بل تتابع الشريط!.