أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور سعود الشريم المسلمين بتقوى الله عزَّ وجل والعمل على طاعته واجتناب نواهيه داعياً إلى أن أمة الإسلامية بحاجة إلى استجلاب كل معاني الوحدة ومحذراً من الابتداع والخرافة. وقال في خطبة الجمعة يوم أمس بالمسجد الحرام: يا حجاج بيت الله الحرام، أنتم تجتمعون في بيت الله الحرام محرمين ملبين قاصدين رباً واحداً ولابسين لباساً واحداً وحاملين شعاراً واحداً "لبيك اللهم لبيك". وقال: إنكم أيها الحجاج باجتماعكم هذا تعقدون مؤتمراً فريداً وهو مؤتمر ملؤه السمع والطاعة والرغبة والاستجابة لنداء الباري جلّ شأنه وقد امتثلتم أمر ربكم وتركتم المال والأهل والولد وقطعتم الفيافي والقفار في صورة فريدة ومشهد مدهش يستوي فيه صغيركم وكبيركم، وغنيكم وفقيركم، وذكركم وأنثاكم فاشكروا الله على التيسير واحمدوه على بلوغ المقصد. وبيَّن فضيلته أن البيت الحرام لم يبن إلا للتوحيد وإخلاص العبودية إلى الله سبحانه ولم يبن للشرك ولا للابتدع ولا للخرافة والدجل، بل إن الله سبحانه وتعالى قد أمر خليله إبراهيم عليه السلام أن يؤسس البيت العتيق على التوحيد والعبودية لله وحده. مشيراً الى أن عرصات المناسك إنما هي للتضرع لله وإخلاص النسك له وفق هدى النبي صلى الله عليه وسلم، فلم تكن لدى صحابة النبي صلى الله عليه وسلم لوثة التعلق بالحجارة أو التبرك بها أو قصد المزارات أو المشاهد أو القبور والدعاء عندها، لأنهم يعلمون أن النافع والضار هو الله سبحانه وتعالى. وأضاف إمام وخطيب المسجد الحرام: إن الصحابة رضي الله عنهم والسلف رحمهم الله لا يتبركون بأحجار الكعبة ولا بغيرها لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك، وإنما استلم الحجر الأسود وقبَّله ومسح على الركن اليماني ولم يستلم بقية أركان الكعبة. وقد أكد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو واقف أمام الحجر الأسود قائلاً: إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع فلولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك. وأكد فضيلته أن هذا الاجتماع المبارك وهذا النسك العظيم ليعد فرصة سانحة لاستثمار هذا التوافق الفريد واستلهام الحكم العظيمة التي شرع الحج لأجلها ومن ذلكم الاشتراك والمساواة بين كافة الحجاج في متطلبات هذا النسك، فليس للغني ولا للنسب أو الرياسة فضل أو استثناء، فالوقوف بعرفة واحد والمبيت بالمزدلفة واحد والجمرة ترمى بسبع حصيات لكل واحد والطواف واحد والسعي واحد فليس للغني والفقير أو الوزير أن ينقص جمرة أو يسقط وقوفاً أو مبيتاً، مشيراً فضيلته الى أن الناس سواسية لا فرق بين عربي ولا عجمي ولا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى. داعياً فضيلته إلى التعاضد والتكاتف والرحمة والشفقة والتواضع والتعاون، فلا شعارات وطنية ولا هتافات عصبية، إنما هي راية واحدة هي راية لا إله إلا الله محمد رسول الله. وأكد إمام وخطيب المسجد الحرام أن الأمة بحاجة ماسة إلى استجلاب كل معاني الوحدة والتعاون والتناصر على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان، فلا يعتدي أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد، بل يعيش المسلمون في سلام حقيقي وتعاون قلبي ولا يمكن أن يكون له في ظل الواقع إلا من خلال الإلتزام بشريعة الإسلام الخالدة التي أعز الله الأمة بها. ونهى فضيلته إلى عدم التفاخر أو الاختلاف أو التخاذل. وقال: ليس اختلاف الألسن والألوان والطباع والبلدان محلاً للشقاق والفرقة لأن الميزان عند الله واحد إن أكرمكم عند الله أتقاكم.