جزء مرموق من إنشائيات المساجد في بلادنا قديما. وهذا "الحسو" أساسه بئر وأدوات رفع المياه اليدوية من دلو و"محّالة " و"رءشا" و"قرو". ومن الأخيرالقرو - تبرز "البزابيز" وكانوا يسمون الواحد "البلبول" ويجري اختياره من عظام الضأن الناعمة، وتشبه مواسير البلاستيك إلى حد كبير. ويُتّخذ له سدّادة من القماش للحفاظ على الماء. أصعب ما في إعداد هذه الخدمة الضرورية، والمأجور القائم عليها إن شاء الله، هو عملية حفر البئر، وصناعة "القرو". وهو حوض صخري بولغ في صناعته اليدوية بطريقة النحت، مستخدمين الإزميل و ادوات حديدية صلبة أخرى يقوم بواسطتها النحات بالحفر في الصخر لعمل تجويف بداخله، بما يُصاحب ذلك من جهد مصحوب بالحرص والتأني لئلا ينكسر الصخر، فيبدأ النحات بعمل "قرو" جديد. جهد إخراج الماء من البئر لاستعمال المصلين يجري أيضا بواسطة الجهد الشخصي التطوّعي. كل هذا الطرح التراثي معلوم للكبار، ومدوّن في كتب. ولا أجد نفسي بحاجة إلى الإطالة. وكلمة "الحسو" أرى أنها تُستعمل في بعض أقاليم بلادنا دون البعض الآخر. ووجدتُ أن لها نصيبا وافرا من الفصحى. وربما كان أصلها "الحسي" وشرح المفردة الأخيرة يقول : والحِسءيُ: مكانٌ إذا نُحِّيَ عنه رملُه نَبَع ماؤُه. قال شاعر : تَجُمُّ جُمومَ الحسءي جاشت غُرُوبُه وبَرَّدَهُ من تحتُ غِيلٌ وأبءطحُ. والجانب الذي يجوز لي أن أقف عنده قليلا، هو هذا التعب الذي كان يبذله المجتمع في الترشيد. والإصرار الفطري على إجادة وإحسان وكمال واكتمال كل ما يتعلق بحياتهم. الماء يُخرجه دلو من بئر. والقرو يحفظه للمصلين للوضوء، ويفي بغرض العابر والمسافر. وطريقة انسياب المياه المستعملة عبرمجري خاص الى حوش يضم نخلا يرعاها الإمام أو المؤذّن ويستفيد من ريعها. لم يذكر الناس أن رأوا طفحا أو تسرّبا. لنقل إن المجتمع كان شغوفا بإدارة حياته، ولا ينتظر وفرة بند أو توقيع موافقة... !