لم تصل ماليزيا إلى ما وصلت إليه من تقانة عالية بين عشية وضحاها، ولكنها وصلت إلى المكانة التقنية المتقدمة كنتيجة للتخطيط الإستراتيجي طويل المدى الذي بدأ منذ نهاية الستينيات الميلادية. حيث قامت بإعداد خطط استراتيجية لهذا الغرض تلا ذلك التطبيق العملي لهذه الخطط، ومن أهم ما تم تطبيقه على أرض الواقع جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في قطاع الإلكترونيات وإنشاء مناطق حرة خصيصا لهذا الغرض وتقديم التسهيلات والحوافز للاستثمار الأجنبي في قطاع التقنية، كالإعفاءات الجمركية والمرونة الكبيرة في قوانين الملكية وغيرها من المحفزات الأخرى. وإنشاء سلسلة من المعاهد المهنية التقنية التي تمنح درجات الدبلوم. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل قامت الحكومة الماليزية ممثلة في الهيئات التابعة لها والمتخصصة في التقنية، بإجراء تقييم ومراجعة شاملة للخطط الإستراتيجية التقنية وطبيعة أعمال الشركات بهدف تنظيم وزيادة الحوافز للمستثمرين في قطاع تقنيات المعلومات وتشجيع وتنمية الصادرات ذات القدرات التنافسية، ومنح حوافز خاصة للمشاريع التقنية في مناطق التقنيات الناشئة والحاضنات التقنية، وشملت هذه الحوافز أيضا الصناعات الحيوية ذات العلاقة بالتقنية مثل التقنيات البيولوجية وصناعة البرمجيات وغيرها. هذه الإجراءات والخطط الإستراتيجية أثمرت عن نهضة تقنية وصناعية كبرى كان لها مردود اقتصادي على الدولة والمواطنين، أهمها إتاحة فرص عمل للمواطنين وتخفيض نسب البطالة والتوسع في برامج تأهيل العاطلين وتدريبهم من قبل الشركات الاستثمارية الكبرى في ماليزيا وإيجاد فرص عمل لهم في قطاع تقنية المعلومات. إن الاستثمار التقني الحقيقي يحتاج إلى خطط استراتيجية متخصصة وخطط تنفيذية وآليات تنفيذ لترجمتها إلى أرض الواقع مع التركيز على نوعية الاستثمار ودرجة التقانة وقيمته المضافة إلى الاقتصاد المحلي وإسهامه في التنمية المستدامة، لكي يكون هناك رؤية واضحة لاقتصاد معرفي جديد يعتمد على التقنية وشبكات المعلومات وشركات تقنيات المعلومات الكبرى التي تسهم بشكل كبير في نقل التقنية وتوطينها وتطويرها. وبالله التوفيق عضو مجلس الشورى