أعاد التدخل الحكومي الأمريكي في الاقتصاد إثر الأزمة المالية الحالية طرح سؤال جدي حول نموذج الرأسمالية بشكلها الغربي ودور الدول فيها، فبعد الحديث الطويل من قبل كبار المنظرين عن ضرورة حصر دور الدولة في المجال التنظيمي تراكض المستثمرون في وول ستريت لطلب الدعم من الوزارات المعنية لمنع الانهيار الكامل. وفي حين لم يكتف خبراء بالإشادة بالتدخل الحكومي، بل انتقلوا إلى مرحلة كتابة المقالات لمدح نماذج الاقتصاد المسيّر رسمياً، كما هي الحال عليه في الصين أو دول الخليج، قال آخرون إن الرأسمالية ستخرج من هذه الأزمة كما خرجت من سواها، وستعود الثقة في نهاية المطاف إلى الأسواق، لتظهر بعد ذلك مضار التدخل الحكومي. ويرى البعض من مؤيدي نظرية التدخل الحكومي، أن نقص الدور الرسمي في الأسواق كان السبب الرئيسي لبدء الأزمة المالية العالمية، مضيفين أنه من الضروري إعادة النظر في أسس النظام الليبرالي الحر. وكتب جوشوا كيرلنتزيك مشيداً بالنماذج الاقتصادية في الخليج والصين، حيث تسيطر الحكومات على أجزاء واسعة من النظام الاقتصادي، وقال إن تلك النظم: «أثبتت نجاحها حتى قبل الأزمة لدرجة دفعت قادة العالم إلى التساؤل حول ما إذا كان النظام الرأسمالي الديمقراطي هو بالفعل الأجدر بالإتباع.» أما المدونات الاقتصادية الصينية فقد لفتت إلى أن الولاياتالمتحدة «بدأت تعي الأخطاء الاقتصادية التي ترتكبها (مع ظهور الأزمة المالية) وهي تتعلم من النموذج الاشتراكي الصيني،» وفقاً لما نقلته مجلة «تايم.» أما في الدول النامية، فكان الأمر مختلفاً، حيث برز الدور الحكومي في الاقتصاد بسياق «التحرر الوطني،» إذ كان الزعيم الهندي، جواهر لال نهرو، يرى أن الاستعمار هو الوليد الطبيعي للرأسمالية الحرة، ما جعله يعتبر أن الحكومات هي السبيل الوحيد للقضاء على الفقر، ما دفعه لوضع نظام قانوني يقيّد حركة الأسواق.