كلما كتبتُ عن الإدمان أشعر بأننا لم نكتب ما فيه الكفاية عن هذا المرض الخطير، مرض نفسي، عضوي، اجتماعي، يُدمّر حياة الشخص وقد يقود إلى وفاته ويجعل حياة المُحيطين به معاناةٍ لا حد لها، سواء كانوا أفراد العائلة أو الأقارب أو الأصدقاء، فإنهم يُعانون معاناةٍ شديدة، لدرجة أن بعض الآباء يتمنون أن يأخذ الله أبنهم المُدمن ويتوفاه ويضع حداً لمعاناتهم مع هذا الابن المدمن.. وهذا ليس خيالاً بل إني شخصياً سمعتُ ذلك من أفواه آباء وأمهات مدمنين عانوا معهم حياة قاسية، فالابن المدمن في الأسرة قنبلة موقوته لا تعرف ما الذي سوف يفعله أو يُفجّره في سلوكه القادم. شباب ومراهقون يفعلون أي شيء مقابل الحصول على المخدّر، أياً كان هذا المخدر. فمدمنو الكحول الذين يعتقد البعض بأن إدمانهم سهل وليسوا مثلاً مثل مدمني المخدرات الثقيلة كالإدمان على الهيروين والكوكايين وبقية المخدرات مثل الحبوب المنُشطة كالكبتاغون وغيرها. كثيرون يعتقدون بأن الإدمان على الكحول أمر سهل، ولكن الإدمان على الكحول مرض من أخطر الأمراض وأسوأ أنواع الإدمان، لعدة أسباب، أهمها أن متعاطي الكحول يشعر بأنه يستطيع السيطرة على تعاطي الكحول ولكن الحقيقة عندما يصل إلى مرحلةٍ من الإدمان فإنه يصعُب عليه الإقلاع عن الكحول ويُصبح الكحول هو ما تدور حوله حياته، فيأتي في مقدمة ما يحرص على اقتنائه، قبل مثلاً دفع أجرة المنزل أو تأمين مصروفات الأسرة اليومية على مدى الشهر أو مصاريف المدارس بالنسبة لمن لديه أطفال في المدارس. تجد المدمن على الكحول عندما يقبض مرتبه الشهري يحاول أن يشتري كمية كافية من الكحول لمدة شهر، وفي ظل غلاء المشروبات الكحولية المستوردة وندرتها في المملكة فقد يلجأ بعض المدمنين على شراء كحول مُصنّع وطنياً وهو ما يُعرف بالعرق الوطني. أما من يشتري مشروبات كحولية مستوردة فإن ذلك يُكلّفه مبالغ طائلة. وبالإضافة إلى أن الكحول يُسببّ مشاكل اجتماعية وأسرية، وكذلك مضاعفات طبية خطيرة وأيضاً يؤثر على الإداء الوظيفي لدى الموظف المدمن على الكحول فتجده دائماً يتأخر عن العمل ولديه مشاكل في التركيز وإتقان العمل نظراً لبقاء مفعول الكحول في صباح اليوم التالي لتعاطيه. أشد فتكاً المخدرات الثقيلة كالهيروين والكوكايين هي أشد فتكاً، وقد تجعل الشخص ينحدر بسرعةٍ نحو القاع، وكم من شخصٍ مشهور وثري جعله الإدمان ينحدر من القمة إلى الحضيض ويُصبح شخصاً آخر فقيراً مستعدا لأن يفعل أي شيء مقابل الحصول على المخدّر . قبل أيام شاهدت الممثلة الأمريكية الشهيرة مورين مكورميك، وهي التي بدأت التمثيل وهي مراهقة ونجحت نجاحاً باهراً في تجسيد شخصية الفتاة الأمريكية المراهقة وواصلت تقدمها في التمثيل وأصبحت نجمة كبيرة ولكنها وقعت في براثن إدمان الكوكايين وتدهور عملها وأصبحت كل ما تُريده هو الحصول على الكوكايين حتى أنها قالت بأنها كانت تبيع جسدها للحصول على الكوكايين من المروجين، قالت ذلك بكل ألم، قالت نعم كنتُ أقُايض جسدي مقابل الحصول على جرعة من الكوكايين، ولكنها تعالجت وساعدها أصدقاؤها وعائلتها واستطاعت أن تُقلع عن إدمان الكوكايين ولكنها من الحالات النادرة التي تشفى من هذا الإدمان اللعين. لقد سمعتُ مؤخراً من شخصٍ بأن ندرة الكحول في السعودية، قادت إلى أن يستبدلها مدمنو الكحول ويتحولوا إلى إدمان على المخدرات الآخرى مثل الهيروين والكوكايين! أرجو أن لا يكون هذا صحيحاً.