العابر لشَعءركَ ينظرُ الحلاّق حين تمرُّ مُنشغِلاً أمامَ البابء لنوءعِ قميصكَ الخياطء لطولكَ صاحبُ الحانوتء لشكءلكَ سائقُ التاكسي لجيبكَ ينظرُ النشّالء لعنقكِ ينظرُ السَّيّافء لأنفكَ عالِمُ التجءميلء لسِحركَ تنظرُ المرأةء لضَوئكَ تنظرُ المرآةء طبيبُ العينِ للعينينِ والشُّرَطيُّ للرُّسغينِ! والعدَّاءُ للسَّاقينِ والسَّبّاحُ للكتفينِ والرُّقباءُ للشّفتينِ لا يبقى للآسكافيِّ إلا جزمةٌ وحذاءء! لخطوك ينظر القَّصاصء لرأسكَ يُطلِقُ القنَّاصء! حقائق .. وإذا وصلتءكِ القصائدُ تلكَ التي قد بعثتُ إليكِ فلا تفتحي البابَ قولي لها إنكِ الآن عندي! في الطريق إليَّ ستكتبُ هذي القصائدُ شِعراً جديداً وأجملَ منها إذا ما رأتكِ هنا، لو خيالاً، ندىً فوق زِنءدي! عشتُ عمري كثيراً بغيري، كثيراً بشِعري وتَوءقي لخطوِ الجمال على أرضِ روحي كثيراً بما قد عثرتُ عليه هنا فيَّ عشتُ كثيراً بفقءدي!! وعشتُ الذي مرَّ قبلي وبعدي! وفي كلِّ أرض تتبَّعتُ ظلَّ جوادي وكنتُ أرى الناسَ ترجعُ من كلِّ صيدٍ محملةً بالوعولِ، الطيورِ، النّمورِ ويسألني سائلٌ منهمُ: أين صيدُكَ؟! أهمسُ: يا صاحبي رحلةُ الصَّيدِ صيدي! أمرُّ خفيفاً على الأرضِ لا الروحُ تجرحُ زنبقةً، لا، ولا القلبُ يتركُ أغنيةً في الصقيعِ تموتُ بلا مُنءشدٍ أو بطعءنةِ بَرءدِ ولا شجراً ذابلاً يكتبُ الكلماتِ ويُرسلُها للغيومِ ويذرفُ آخرَ أوراقِهِ الخُضرَ تحتَ نوافذِ بيتي هنا فوق خدّي! ولا واحةً في الأنين البعيد تُقيمُ ولا نخلةً طفلةً تتعثرُ في طُرُقِ الموتِ دون دليلٍ وفي ظُلءمةٍ دونَ حَدِّ ولكنني عشتُ هذا وهذا وهذا برغُم كثيريَ وحدي! كان لا بدَّ أن تعبري فجأةً كي يكون لهذا الذي قلتُهُ شبهُ معنىً وأعرفُ أنّي هنا لم أزلء أخضراً تحتَ جِلءدي إذا وصلتكِ القصائدُ تلك التي قد بعثتُ إليكِ فلا تفتحي الباب قولي لها إنكِ الآنَ عندي!! خروج حَجري كان يمكن أن يبلُغَ التلَّ أو يعبرَ الفجرَ سهماً يلامسُ غيماً خفيضاً وبرقاً تُقلِّبهُ الريحُ لم يُوءلَدِ خطوتي كان يمكنُ أن تعبرَ السَّهل مثل حصانٍ فتىً فتلامسُ خطَ النهايةِ ترجعُ حاملةً فوق أكتافِها مُهرةً من غدي ضحكتي كانَ يمكنُ أن توقدَ العرسَ في حجرينِ يتيمينِ صوتيَ كان يقودُ الطيورَ إلى بيتنا كنتُ راعي الطيورِ الذي لا يُشقُّ لهُ أفقٌ ورفيقَ اليمامةِ والهُدهُدِ وجءهَتي كان يمكن أن تتجمَّعَ فيها الجهاتُ جميعاً فلا الشرقُ شرقٌ ولا الغربُ غربٌ هنا في الشَّمالِ جنوبٌ هنا في الجنوبِ شمالٌ فكلُّكِ أنثى، وكلّيَ قلبٌ وفي الحبِّ بوابةُ الأبدِ .. وزمانيَ لا لم يكنء مثل هذا ولا مَشءهَدي كنتُ عانقتُ كلَّ البلادِ التي مطراً في الظلامِ مررتُ بها أو شهيداً أفتّشُ عن بلدي وعشِقتُ الكثيراتِ لكنء ذراعيَّ لم تحضُنا، أبداً، غيرها ابنةَ الأحدِ!! ها هنا جسدي ذابحٌ جسدي ويدي لا تصافحُ حتى يدي فكأني عدوّانِ يلتقيانِ على نهرِ دَمٍ بلا موءعِدِ وكأنيَ، لا، لم أعشء كلَّ ذاكَ كأني خرجتُ لأبتاعَ شيئاً بسيطاً، ثِقاباً، ولم أَعُدِ!! القبرة نصفُ روحيَ كانتء ولمّا تزلء هذه القُبَّرةء عَدَوءنا معاً في السهولِ وطِرءنا وعلَّمتُها حِيَلاً ليسَ تعرفُها القبَّراتُ كما علَّمتءني دروبَ النجاةِ وسرنا يداً بجناحٍ معاً دون خوفٍ على أعينِ الكلبِ والضَّبعِ والثَّعلبِ المترقِّبِ والظُّلماتِ كتبءنا على الرَّملِ شيئاً وفي أُفق ضيِّقٍ قد رسمءنا نجوماً، وأكثرَ من ألفِ شمسٍ بلاداً بلا عسكرٍ وطغاةِ وكنّا طريينِ أعرف هذا ولكننا حين نحلمُ نخرجُ للفلواتِ نُحدِّقُ في الأرضِ ندعو الجهاتِ: لكِ الشمسُ أنتِ!! وأنتِ لكِ البحرُ ! أنتِ النجومُ! وأنتِ لكِ الريحُ نُعطي ونأخذُ ما قد تبقَّى: الحياة التي امتلأتء بالحياةِ فنلعبُ في النِّيل حيءناً وحيءناً نطيرُ به لضفافِ الفُراتِ ونحملُ بغدادَ حتى الجزائرَ بيروتَ حتى أثينا وروما إلى القُدءسِ أَصءلُ المدائنِ زيتونةٌ نصفُ روحيَ كانت ولما تزلء هذه القبَّرةء إنء على قُبَّةٍ غرَّدتء أو على كتفٍ عشَّشتء أو على حجرٍ قانعٍ، بيَّتتء، في الفلاةِ لا يراها سوى من رأى روحَهُ فوق رأسي تُحَوِّمُ، تعلو، وتهبطُ أما إذا حلَّقَتء في البعيد فأهمسُ: إن الزمانَ تغيَّر فانتبهي يا فتاتي!! هنا هنا في هدوءِ الرَّصيفِ قتيلُ هنا في انطِفاءِ الزّهورِ قتيلُ هنا تحتَ زيتونةٍ تشتَهي أن تعيشَ طويلاً كأغنيةٍ وهنا في ظلالِ الكَمانِ على كتفٍ ناعمٍ كالهواءِ قتيلُ هنا في امتداداتِ شَجءرَةِ سَرءوٍ تُناغي المساءَ لتضحكَ لو مرَّةً للصغارِ قتيلُ هنا فوق عَتءبةِ بيتٍ يُهدءهِدُ ساكِنَهُ كي ينامَ قتيلُ هنا في استراحةِ سيِّدةٍ بَعدَ نشءرَةِ أخبارِ هذا المساءِ وما سيَلِيها قتيلُ هنا في اتِّزانِ المذيعِ أمامَ الشَّريطِ المُصَوَّرِ للغارةِ الأَلفِ يَصحو قتيلٌ ويَغفو قتيلُ هنا في خُطى القُبَّراتِ على خيءطِ نُورٍ، هنا في حقيبةِ تلميذةٍ، فوقَ مَقءعَدِ درءسٍ، على صمتِ شُبّاكِ صفٍ تَعلَّمَ اسمَ الصباحِ فصادقَ شمساً وعشرينَ طائرَ دُوريء قتيلُ هنا في الأغاني، القصائدِ، في لوحةٍ حَلَّقَتء حينما التهموا البيتَ قَبلَ الغروبِ قتيلُ هنا في لقاءِ سنونو بظلِّ الفراشةِ فوقَ المياهِ قتيلُ هنا في ابتساماتِ عاشقةٍ تتساقطُ مثلَ الخريفِ قتيلُ هنا في جَنِيءنٍ -على حاجزٍ- يتفلَّتُ كي يُمءسِكَ اسمَ أبيهِ لينجو قتيلُ هنا فوقَ هذا السَّريرِ قتيلُ هنا تحتَ هذا السَّريرِ قتيلُ (وما كانَ خلفكَ، ما زالَ خلفكَ: رُومٌ سوى الرُّومِ قل لي إذنء فعلى أيِّ جنءبَيءكَ سوفَ تميءلُ؟!!) @ @ صياغة أخرى لبيت المتنبي @@ من ديوان جديد بعنوان (لو أنني كنت مايسترو) يصدر قريبا عن الدار العربية للعلوم - بيروت ومنشورات الاختلاف - الجزائر ودار مكتبة كل شيء - فلسطين.