عاش ناديا الهلال والاتحاد خلال أكثر من شهر أزمتين خانقتين، فالبيت الأزرق ماج بكل من فيه بسبب قضية إيقاف الليبي طارق التايب من قبل الاتحاد الدولي، بينما دخل العميد في مخاض عسير لاستيلاد عقد جديد لقائده محمد نور والذي لم ير النور إلا بعد عملية قيصرية هزت أركان الخزانة الصفراء. ما عاشه الهلاليون والاتحاديون في قضيتي التايب ونور كان بمثابة اختبار احترافي حقيقي، ربما يكون هو الأصعب للناديين منذ أن دخلا مدرسة الاحتراف الرياضي، ولذلك كان الترقب من الجميع على قدر الحدث، وفي حين أن الناديين استطاعا أن يصلا إلى خط النهاية في سباقهما المحموم مع الوقت في توقيت متزامن، إلا أن تفاصيل السباق الذي جرى في طريقين مختلفين حيث سار الهلاليون في طريق دولي صعب، بينما سار الاتحاد في طريق محلي أسهل كشفت كيف تدار اللعبة الاحترافية في الناديين اللذين يعدان قطبي الكرة السعودية. الهلاليون أدركوا منذ اللحظة الأولى أنهم أمام طريق شائك، فالمحكمة الرياضية الدولية ليس في قاموسها شيء من مصطلحات (طلبتك قل عطيتك)، ولا من بين بنود لوائحها (حب الخشوم) ولا (تبويس اللحى)، ولذلك فقد جهزوا ملفهم وعبأوه بكل ما يدعم موقفهم ويقوِّي حجتهم أمام المحكمة وسلموه للدكتور عبدالله البرقان الذي أجاد دوره باتقان قل نظيره، إذ استطاع بمعية المحامي الهلالي أن ينتزع قرار قبول الاستئناف من القاضي القبرصي. البرقان عاد للرياض ومعه قرار تعليق الإيقاف، وهو القرار الذي انتظره الهلاليون وغير الهلاليين، كل بحسب نواياه ورغباته، وكان بمقدور هذا الهلالي الذي اخلص لناديه لاعباً، وتفانى في خدمته إدارياً أن يتصدر واجهات الصفحات الرياضية، وأن يحتكر شاشات القنوات الفضائية ليسجل نفسه (بطل الموسم) بلا منازع لكنه توارى عن الأنظار لكي لا يغمزه فلاش ولا يصطاده مايكرفون في موقف لا نكاد نراه في مشهدنا المحلي!. في المقابل كان المشهد مرتبكاً حد الفوضى في البيت الاتحادي، والسبب أن من أوكل له دخول (اختبار نور) رسب غير مرة فيه، وما كان له أن ينجح في نهاية المطاف إلا بعد أن دفع فاتورة باهظة الثمن، وأعني بذلك منصور البلوي الذي كشف أداؤه في المفاوضات، وتعاطيه مع القضية في الإعلام أن الاحترافية الاتحادية في حال يرثى لها، وهو ما تجلى في الارتجالية التي أفرزت تضاربا في الآراء وأخطاء في الأداء منذ اللحظة الأولى للمفاوضات وحتى لحظة التوقيع، عدا عن الفشل في الوصول إلى صيغة اتفاق على مقدم العقد الذي بدأ ب ( 10ملايين) ريال قبل عام ليصل إلى ( 25مليون) ريال مع بداية العد التنازلي لدخول نور مهلة الأشهر الستة وإطلالة الشبح الهلالي على المشهد، ناهيك عما خلَّفته تلك الفوضى من إرباك في البيت الاتحادي الذي دخل في إشكالية جديدة مع مبروك زايد ورضا تكر بسبب هذا الأداء العشوائي. ولست مجانباً للحقيقة إن قلت إن السبب في نجاح الهلاليين وفشل الاتحاديين في أدائهما الاحترافي يعود إلى أن أصحاب القرار في النادي الأزرق كرسوا كل جهودهم لحلحلة القضية بعيدا عن البحث عن أية مكاسب أخرى فكان الفوز في انتظارهم، بينما كان هم اللاعب الاتحادي في مباراة نور تسجيل أكبر عدد من النقاط في لعبة الإعلام فكانت الخسارة مضاعفة.