دعت ندوة "الشفافية ضرورة للتنمية" على هامش أعمال المؤتمر السنوي السابع لمؤسسة الفكر العربي "فكر 7" الى تأسيس منظمة عربية للشفافية، وناشدت مؤسسة الفكر العربي على القيام بدور ريادي في تبنى هذا المشروع. وأكد المشاركون في الندوة، التي أدارها الدكتور عبدالسلام الدويبي بجامعة الفاتح بليبيا، على أهمية هذا المشروع الذي أصبح ضرورة ملحة في ظل انتشار الفساد في العالم العربي وتصدر الدول العربية قائمة انعدام الشفافية في التقارير الدولية التي تقيس مستوى الشفافية في العالم. وقال أستاذ الاقتصاد والأعمال في كلية مايكل فوستر لإدارة الأعمال بالولايات المتحدةالامريكية علي الترهوني، أمام الندوة: إن انعدام الشفافية ليس بمعزل عن أسبابها وهي أسباب سياسية واقتصادية واجتماعية، موضحا أن الشفافية تعني قبول كل اجهزة ومؤسسات الدولة مبدئيا وقانونيا للمحاسبة والمساءلة. وعلى الصعيد الاقتصادي، قال الترهوني: هناك في العالم العربي ربط كامل بين الثروة والسلطة، منوها بالتحول الى اقتصاد السوق خلال العقود الثلاثة الأخيرة بشكل مشوه والذي وصفه الترهوني ب "اقتصاد الغنائم" الذي يسعى فيه اصحاب النفوذ الى تحقيق أكبر قدر من المغانم في أسرع وقت ممكن مهما كانت خسائر الطرف الآخر. وطالب الترهوني بعلاج الأسباب السياسية والاقتصادية والاجتماعية للتخلف والفقر لأنها في رأيه هي نفس أسباب انعدام الشفافية. ومن جانبه، استعرض أستاذ العلوم القانونية في جامعة 7نوفمبر بتونس الدكتور رافع بن عاشور التطور السياسي لتبني المجتمع الدولي لمبدأ الشفافية قائلا: إن الجهود التي بذلتها الدول النامية ،بعد تحررها من الاستعمار في النصف الثاني من القرن العشرين، من أجل تحقيق التنمية لم تسفر سوى عن مزيد من التخلف والفقر، مشيرا الى أن التقارير الدولية كشفت أن أكثر الدول تخلفا وفقرا ومرضا هي اكثرها فسادا وغيابا للشفافية. وقال: إنه في ظل هذه الحقائق الجديدة قررت الدول المتقدمة في العقد الأخير أن تربط دعمها للدول النامية بما اسمته عناصر "الحكم الرشيد" ولعل من أهم هذه العناصر "مبدأ الشفافية"، لافتا الى أن الدول النامية اضطرت إلى الأخذ بشفافية من نوع خاص في محاولة منها لارضاء المؤسسات الدولية والدول المانحة. وأشار ابن عاشور الى أن أحدث تقرير عالمي عن الفساد نوه بأن العالم خسر العام المنصرم نحو 50مليار دولار بسبب الفساد وهو المبلغ الذي كان يمكنه أن يساهم في حل مشكلتي مياه الشرب والأمراض الخطيرة، منبها الى أن هذا التقرير احتلت فيه الدول العربية مراتب متأخرة في تطبيق مبدأ الشفافية. وطالب ابن عاشور العالم بالاسراع بوضع معاهدة الأممالمتحدة ضد الفساد موضع التنفيذ وفرض عقوبات دولية ضد الدول التي لاتلتزم بالشفافية بل وتحويل رموز الفساد في أي مكان الى محاكمات دولية. وعلق الدكتور عبدالسلام بشير بالقول: إننا مطالبون بأمر الله عز وجل في القرآن الكريم بعدم الفساد أو الإفساد "ولاتفسدوا في الأرض بعد إصلاحها"، ومن ثم فنحن أولى الناس بتطبيق الشفافية ومحاسبة المفسدين دون حاجة الى أن نكون نمطيين أو لحاقين نقلد الآخرين أو نلحق بهم فيما يقولون أو يفعلون. وقد تساءل أحد المشاركين في الندوة عن سبب وجود الفساد في أوروبا واليابان؟، فأجاب المشاركون في الندوة على أن الفساد صفة انسانية ولكن ما يميز الأنظمة الديمقراطية هو سرعة ملاحقته وكشفه أيا كان موقع الشخص او نفوذه. وعلق الدكتورعبدالسلام بشير قائلا: إن المرء مضطر احيانا لمجاراة الفساد "كاعطاء رشوة مثلا" لأنه لاسبيل أمامه للحصول على حق له إلا بهذه الطريقة والضرورات تبيح المحظورات، لكن فريدة العلاقي من "ليبيا" رفضت تبرير الفساد تحت اي ظرف وطالبت بتربية النشء منذ نعومة أظفارهم على الشجاعة ومواجهة الفساد والمفسدين.