لقد أديت أيها الأب وأنت أيتها الأم دوراً ملحوظاً في حماية أبنائك فكرياً من خلال حظر الصور، الصوتيات، والسلوكيات المنحطة.ويظهر دوركما في انزال أحدث البرامج على الحاسوب لحجب الصور والمواقع ذات المحتوى الفاسد على شبكة الانترنت، كما لا يساورني الشك بأن منزلكما قد تم تطهيره من جميع أنواع القصص والمجلات ذات الطابع اللا أخلاقي.. ولكن هل كان في حسبانكما أن يضيع كل هذا الجهد بمجرد جولة داخل سوق كبير "هايبر ماركت"؟!.. دعوني أخبركم..! بالأمس وقعت في يدي نشرة ترويجية لبضائع "هايبر ماركت" كبير وفي الحقيقة كانت الأسعار مغرية للشراء، ذهبت هناك وريثما وصلت بدأت في مشاهدة الإعلانات الكبيرة المنصوبة على واجهة السوق أو "الهايبر ماركت"، وصدفة ولا أظنها صدفة فقد كان الإعلان لشيء واحد وفي جميع اللوحات على المدخل.. إنه إعلان التدخين، يظهر الممثل Wayne Mclaren بلباس رعاة البقر وهو يروض إحدى الخيول الثائرة أمام أحد الأنهار وفي الزاوية الأخرى من اللوحة وبطريقة مدروسة وضع اسم شركة التبغ. فور رؤيتي هذا الإعلان بدأت أنظر إلى عدد الأطفال المرافقين لذويهم - وللأسف فعدد الأطفال كان مهولاً، وإن هؤلاء الصبية وتلك الصبايا لا يعرفون معنى الإعلان في الوقت الحالي ولكنهم حفظوه في قائمة الصور الجميلة التي تمنحهم شعوراً بالقوة "صورة الحصان" وشعوراً بالشجاعة "صورة الرجل" وشعوراً بالتميز "لبس رعاة البقر!".. وحالما يكبرون فإنهم بمجرد رؤية الإعلان في مكان آخر - لربما نفس السوق. وتذكرت شيئاً آخر..! حين اجتمعت جميع الأغراض في سلة الشراء الخاصة بي توجهت للمحاسبة، وعندما أتممت دفع المبلغ وهممت بالانصراف، ناقشت موظف الحسابات عن حماية البلد والناس والخصوصية التي تمنع عرض إعلان التدخين في مكان عام مثل هذا، فما كا ن جوابه إلا أن قال "متسائلاً: هذه شركة فرنسية فماذا تريدها أن تفعل؟.. ولكن الموظف لو أحسن التساؤل لقال: المقلعون عن التدخين كيف تصادر حقوقهم؟ فهذا الإعلان، يعيد لهم مشاعر لطالما حاربوا للاستقلال عنها؟!".. بعد حوار الموظف توجهت خارجاً من السوق وأنا أفكر بجدية في الإقلاع عن هذا السوق "شراء" حتى تقلع إدارته عن التدخين "إعلاناً". وأخيراً، يقول قارئ الأخبار: الجدير بالذكر أن Wayne Mclaren ممثل دعاية التدخين قد مات بسرطان الحنجرة الذي لم يمهله طويلاً بالرغم من الجهود الطبية التي بذلت لعلاجه، وكان Mclaren قد شوهد في آخر تسجيل له وهو يتحدث بحنجرة صناعية في منظر أثار اشمئزاز الجمهور.