ثلاثة وأربعون رئيساً مروا على تاريخ الولاياتالمتحدة منذ عام 1789م. ويبدو أن مسرحية الصراع لانتخاب الرئيس الرابع والأربعين ستكون من المسرحيات الأكثر شداً لانتباه العالم.. حيث يتنافس على كرسي الرئاسة باراك أوباما المرشح الديموقراطي الشاب والذي ينحدر من أصل إفريقي، ويمتلك كثيراً من الكاريزما والبلاغة اللتين يمكن أن تؤهلاه لمنصب الرئاسة، ولكن تنقصه الخبرة السياسية وخاصة فيما يتعلق بالشؤون الخارجية. وعلى الجانب الآخر يقف جون ماكين كمرشح متطرف سياسياً، في العقد الثامن من عمره، وربما يكون لديه بعض المشكلات الصحية، ويؤيد إسرائيل بشكل مطلق، وربما يكون امتداداً للرئيس جورج بوش الذي عانى العالم في عهده كثيراً من المآسي والمشكلات، وخاصة في العراق وأفغانستان. ويقوم الحزب الجمهوري بإبراز أخطاء أوباما والتركيز على افتقاره للخبرة، والتي دعمها بعد ذلك بترشيح جون بايدن نائباً له، وهو شخص مطَّلع جيد على القضايا الخارجية، وخاصة فيما يتعلق بأمور الشرق الأوسط. وقد فاجأ المرشح الجمهوري ماكين الجميع باختياره حاكمة ولاية الاسكا سارة بالين نائبة له، باعتبار أنها مغمورة وحاكمة لولاية من أقل الولاياتالأمريكية من حيث عدد السكان. لكن الكثيرين رأوا في اختيارها فرصة لكسب أصوات النساء من الحزبين بعد أن انسحبت هيلاري كلينتون... ومن الأخطاء التي يتصيدها الجمهوريون لأوباما بالإضافة إلى قلة خبرته ما قاله مراراً بأنه على استعداد للجلوس مع الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بغير شروط مسبقة. وفي مقال نشرته صحيفة الجارديان البريطانية بعد مؤتمر الحزب الجمهوري، قال الكاتب الشهير مارتن كيت إنه يتوقع أن يحسم جون ماكين السباق إلى البيت الأبيض لصالحه لخمسة أسباب: أولها خوف الأمريكيين من ارتفاع أسعار الوقود والذي سيصب في مصلحة بعض الدول المعادية لأمريكا مثل إيران وفنزويلا وروسيا، والسبب الثاني أن الرئيس بوش بدأ يغيب فعلياً عن المسرح السياسي، وستغيب معه العديد من سلبياته، مما سيعطي المرشح الجمهوري الفرصة لكي يقود حملته بثقة وحرية، مشيراً إلى أن ماكين ما يزال يتمتع بكاريزما، وهذا ما قد يتيح له استغلال المناظرات التلفزيونية مع أوباما لصالحه. أما السبب الثالث فهو أن الجولات الانتخابية الأمريكية صارت تنتهي بنتائج متقاربة، ففي الانتخابات الرئاسية الأربعة الماضية لم يحصل أي مرشح ديموقراطي على أكثر من 49%، أما السبب الخامس والأخير كما يقول الكاتب فهو عرق أوباما، حيث يبدو أن ترشيح رجل أسود لخوض سباق الرئاسة الأمريكية ليس أمراً هامشياً، بل هو أمر جوهري بالنسبة لغالبية الناخبين الأمريكيين الذين يظنون أن الوقت لم يحن بعد لكي يجلس في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض رجل ذو جذور إفريقية!! فإذا فاز باراك أوباما فإن الولاياتالمتحدة سوف تدفن مع هذا الفوز معضلة العنصرية التي تشتكي منها كثير من دول العالم.. فهل يمكن أن يحدث هذا...؟