بعد أن قدمت المغنية الكويتية الشابة شمس شريطين دفعة واحدة بين الغناء الخليجي والمصري منتصفين مع شركة سبرايز الأمريكية العام الماضي 2007.توالت أكثر من أغنية مصورة من هذين الشريطين، مثل أغنيتها المصرية: "غمضت عينك (بهاء الدين محمد - محمد ضياء الدين) أخرجها: ستيفان ليوناردو، وأغنيتيها الخليجيتان: لوحة معقدة (نصار الظفيري- عبد القادر الهدهود) أخرجها ليوناردو أيضاً، مليون (منصور الفضلي - عبد القادر الهدهود) أخرجها فادي حداد، وربما تكون أغنيتها المصرية: "أهلاً إزيك" (إكرام العاصي - محمد رحيم) التي أخرجها كوستاس ماروديس اشتهرت لكونها احتوت على كولاج من المواضيع الاجتماعية والسياسية دفعة واحدة بين حوار غاضب من زوجة تجاه زوجها، ودمج حرب أمريكا على العراق وإيراد صور الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن، ووزيرة خارجية حكومته كونداليزا رايس كذلك تناول مسألة عمليات التجميل في الوجه والصدر، وبين طاولة اجتماع مهندسي السياسة الأمريكية الخارجية وحلبة الملاكمة وساحة الحرب وسقوط نصب الحرية تلهو شمس: "أهلاً إزيك..". تحتال أغنية "تأتأة" كلمات محمد جمعة وألحان: محمد ضياء التي أخرجها يحيى سعادة على الكثير من من القضايا ما بين دفعها إلى الواجهة وأخرى مشفرة، ومن خلال كلمات تقول أشياء محددة: "ما تقولش آه ما تقولش لأ دا الوقت جيت وبقيت تقول وح نبتديها تأتأة يبقى أنت يا واد ناوي على بعاد ولا عارف ح تفول إيه / طب ليه بتأتئ ليه؟ ما تسيبني وتمشي خلاص دي الوقت وفَّر وقت الشر / دا الجرح أخدت عليه" تتلاعب الأغنية بمفردة (تأتأة) على مقياس الإيقاع الرباعي لتعبئة لازمة الأغنية ولكن كلماتها لا تخرج عن دائرة صراع المرأة والرجل في العاطفة الشعبية، بينما يمرر المخرج قضية الخلع (خلع الزوجة لزوجها) في مشهد محاكمة نرى الضحية والقاضية هي شمس، ولكن بصورة أخرى تتعدد فيها ألوان الملابس الحارة من الأحمر والوردي، وترافقها والدتها أو مشجعتها ال Drag queen (رجال بملابس نسائية)، وبين تذمرات الغضب من زوجها نرى في حضور المحكمة خليطا من صور مرشح الرئاسة الأمريكي أوباما والرئيس الفرنسي ساركوزي ومنظر الصهيونية ثيودور هرتزل وقائد القوات الإسرائيلية موشي دايان والشقراء الثرية باريس هيلتون ثم قبل أن تخرج قال أوباما أنه ينتظرها قريباً ثم ترد على الشاشة بعد مقاطع "سيدة حرة مستقلة!" إيحاءً بوعده بل إنها تدمج قضايا التابو(المحرمات الثقافية) في العالم الأمريكي والعربي بين اللاسامية والأفروأمريكية، وبين الجنس وسلطة الفحولة السرطانية، وبين الجنوسة ولعنة الأنوثة الذليلة! وعندما تسأل شمس لماذا هذا الخليط الاجتماعي السياسي من القضايا؟ تجيب: "هذه الأشياء لم تكن غريبة عني نهائيا، ولكنها لم تظهر بشكلها الصحيح، فقد قدمت على سبيل المثال في ألبوم "مظاهرة نسائية" أغنية عن الأم بعنوان "تعبانه يايمه"، ولكنها لم تأخذ وضعها لأنها لم تصوَّر". وحين سألتها الصحافة عن سبب تناول قضية إدمان المخدرات في أغنية "غمضت عنيك" والمواضيع الأخرى في أغانيها بين السياسي والاجتماعي قالت: "الفن بكل العالم يتم دمجه بالسياسة إلا بعالمنا العربي مقتصر فقط على أغنيات وطنية وأزمات سياسية فقط لا غير. بالوقت الذي يتجه ويتحرك به كل فنانين العالم لعمل أغنيات تنتقد وتحرك الشوارع بها. أما عن القضايا الاجتماعية مثل: عقوق الأم وإدمان المخدرات، فهذا واجب الفن الحقيقي. التخدير الحقيقي الذي يمارسه آخرون بأن يقتصر دورهم الغناء للحب والعاطفة فقط. صحيح بأن العواطف الإنسانية لها قيمتها الكبيرة ولكن هناك أشياء بجانبها يجب عن الفنان أو الفنانة أن لا تغفلها". إن شمس في أغنياتها المصرية تقول ما لا تقوله في أغنياتها الخليجية، وهذا ما يجعلنا نتجاوز قضية الغناء بغير لهجتها إلى مسألة مواضيع الغناء عندها باللهجة المصرية وطرق تصوير الكليبات، واستطاعتها تجاوز موجة غناء علب الليل والكباريهات العربية إلى غناء مهموم بالمجتمع والسياسة هو الاهتمام الشعبي، ولما لا! وما يلفتني أن الملحن محمد ضياء صاحب هذا اللحن "تأتأة"، وسابقه "غمضت عنيك" الذي قدم لرومانسية ما بعد الحداثة مجموعة من الأغنيات المهمة في تاريخ الغناء العربي لسميرة سعيد وأصالة وذكرى وهاني شاكر ومحمد منير مؤخراً.. يذكرنا محمد ضياء بما فعله محمد القصبجي أوائل القرن الماضي عندما أنجز مجموعة من الأغنيات مع نعيمة المصرية ومنيرة المهدية تناولت السياسي والاجتماعي في قضايا الاستعمار وسرقة المال العام واعتقال المناضلين واستعادة الفخر فراعنة مصر في أغنيات مثل "شال الحمام" و"أبونا توت عنخ آمون" و"اسمع أغاني المهدية".. والآن، تفرض علينا القضايا الاجتماعية والسياسية أن نغني "اسمع أغاني الشمسية"!